وكذلك قالوا أيضا «ظننته إيّاه» (١) والضمائر لا تقع أحوالا بحال ؛ فعدم شروط الحال فيهما ؛ فوجب أن ينتصبا نصب المفعول ، لا على الحال.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين : أما قولهم : «إن الفعل إذا كان واقعا فإن فعل الاثنين يقع منه على الواحد والجمع ، نحو : ضربا رجلا ، وضربا رجالا ولا يجوز ذلك في كان ؛ فإنه لا يقال كانا قائما وكانا قياما» فنقول : إنما لم يجز في «كان» كما جاز في ضرب ؛ لأن المفعول في «كان» هو الفاعل في المعنى ، ولا يكون الاثنان واحدا ولا جماعة ، وإنما كان المفعول في «كان» هو الفاعل في المعنى ؛ لأنها تدخل على المبتدأ والخبر فيصير المبتدأ [بمنزلة الفاعل ، والخبر](٢) بمنزلة المفعول ، وكما يجب أن يكون الخبر هو المبتدأ في المعنى نحو «زيد
______________________________________________________
مواضع ، أولها في قوله «تكونه» حيث جاء بخبر كان ضميرا متصلا وهو الذي من أجله جاء المؤلف بهذا البيت هنا ، وقد بيّنا ذلك في شرح الشاهد السابق والثاني في قوله «تنفكّ» ولهم في هذه الكلمة شاهدان : أحدهما أن الشاعر قد استعمل الفعل المضارع من انفكّ ، ولما لم يحفظ النّحاة من هذا الفعل غير الماضي والمضارع حكموا بأنه فعل متصرف تصرفا ناقصا ، ومن مجيء المضارع قول الشاعر :
ليس ينفك ذا غنى واعتزاز |
|
كل ذي عفة مقل قنوع |
وقول ذي الرمة :
قلائص لا تنفك إلا مناخة |
|
على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا |
والشاهد الثاني من هذه الكلمة أنها جاءت في هذا البيت غير مسبوقة بالنفي أو ما يضاهيه ، وذلك شاذ ، والقياس ذكر نفي أو نهي قبل زال وبرح وفتىء وانفكّ. ومثل هذا البيت في الإتيان بواحد من هذه الأفعال من غير أن يسبقه نفي أو نهي قول خداش بن زهير :
وأبرح ما أدام الله قومي |
|
بحمد الله منتطقا مجيدا |
وهم يغتفرون أن يسقط الشاعر حرف النفي إذا كان الفعل مسبوقا بالقسم كقول امرىء القيس :
فقلت : يمين الله أبرح قاعدا |
|
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي |
وقول عبيد الله بن قيس الرقيات (د ١٨٩) :
والله أبرح في مقدمة |
|
أهدي الجيوش على شكيته |
حتى أفجعهم بإخوتهم |
|
وأسوق نسوتهم بنسوتيه |
وقول الآخر :
لعمر أبي دهماء زالت عزيزة |
|
على قومها ما فتل الزند قادح |
__________________
(١) ومن ذلك قول الشاعر :
أخي حسبتك إياه وقد ملئت |
|
أرجاء صدرك بالأضغان والإحن |
(٢) زيادة لا يتم الكلام إلا بها.