[٣٢٦] ١١٢
مسألة
[علّة حذف الواو من «يعد» ونحوه](١)
ذهب الكوفيون إلى أن الواو من نحو «يعد ، ويزن» إنما حذفت للفرق بين الفعل اللازم والمتعدّي. وذهب البصريون إلى أنها حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا ذلك لأن الأفعال تنقسم إلى قسمين : إلى فعل لازم ، وإلى فعل متعد ، وكلا القسمين يقعان فيما فاؤه واو ، فلما تغايرا في اللزوم والتعدي واتفقا في وقوع فائهما واوا وجب أن يفرق بينهما في الحكم ، فبقّوا الواو في مضارع اللازم نحو «وجل يوجل ، ووحل يوحل» وحذفوا الواو من المتعدي نحو «وعد يعد ، ووزن يزن» وكان المتعدي أولى بالحذف ؛ لأن التعدي صار عوضا من حذف الواو.
قالوا : ولا يجوز أن يقال «إنهم إنما حذفوا الواو لوقوعها بين ياء وكسرة» لأنا نقول : هذا يبطل بقولهم «أعد ونعد وتعد» والأصل فيه : أوعد ونوعد وتوعد ، ولو كان حذف الواو لوقوعها بين ياء وكسرة لكان ينبغي أن لا تحذف هاهنا ؛ لأنها لم تقع بين ياء وكسرة ، ولكان ينبغي أن تحذف من قولهم «أوعد يوعد» بضم الياء فيقال : «يعد» لوقوعها بين ياء وكسرة ، فلما لم تحذف دل على فساد ما ذكرتموه.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إن الواو حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة ، وذلك لأن اجتماع الياء والواو والكسرة مستثقل في كلامهم ، فلما اجتمعت هذه الثلاثة الأشياء المستنكرة التي توجب ثقلا وجب أن يحذفوا واحدا منها طلبا للتخفيف ، فحذفوا الواو ليخفّ أمر الاستثقال.
والذي يدلّ على صحة ذلك أن الواو والياء إذا اجتمعتا وكانا على صفة يمكن أن تدغم إحداهما في الأخرى قلبت الواو إلى الياء نحو «سيّد ، وميّت» كراهية
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : شرح الأشموني بحاشية الصبان (٤ / ٢٨٥ بولاق) وتصريح الشيخ خالد الأزهري (٢ / ٤٩٣).