لاجتماع المثلين ، وإذا اجتمع هاهنا ثلاثة أمثال الياء والواو والكسرة ولم يمكن الإدغام لأن الأول متحرك ومن شرط المدغم أن يكون ساكنا ، فلما لم يمكن التخفيف بالإدغام وجب التخفيف بالحذف ، فقيل : يعد ويزن ، وحملوا «أعد ونعد وتعد» على «يعد» [٣٢٧] لئلا تختلف طرق تصاريف الكلمة ، على ما سنبينه في الجواب إن شاء الله تعالى.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين : أما قولهم «إنما حذفت الواو من هذا النحو للفرق بين الفعل اللازم والمتعدي ، فبقّوا الواو في اللازم وحذفوها من المتعدّي» قلنا : هذا باطل ؛ فإن كثيرا من الأفعال اللازمة قد حذفت منها الواو ، وذلك نحو «وكف البيت يكف ، وونم الذباب ينم ، ووجد في الحزن يجد» إلى غير ذلك. والأصل فيها : وكف يوكف ، وونم يونم ، ووجد يوجد ، وكلها لازمة ، ولو كان الأمر على ما زعمتم لكان يجب أن لا تحذف منه الواو ، فلما حذفت دل على أنه إنما حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة ، ولا نظر في ذلك إلى اللازم والمتعدي.
وأما «وجل يوجل ، ووحل يوحل» فإنما لم تحذف منه الواو لأنه جاء على يفعل بفتح العين ، كعلم يعلم ، فلم تقع الواو فيه بين ياء وكسرة ، وإنما وقعت بين ياء وفتحة ، وذلك لا يوجب حذفها ، وأما حذفهم لها من قولهم «ولغ يلغ» ، وإن كانت قد وقعت بين ياء وفتحة فلأن الأصل فيه يفعل بكسر العين كضرب يضرب ، وإنما فتحت العين لوقوع حرف الحلق لاما ؛ فإن حرف الحلق متى وقع لاما من هذا النحو فإن القياس يقتضي أن يفتح العين منه ، نحو : قرأ يقرأ ، وجبه يجبه ، وسدح يسدح ، وشدخ يشدخ ، وجمع يجمع ، ودمغ يدمغ ، إلا ما جاء على الأصل نحو : نطح الكبش ينطح ؛ ونبح الكلب ينبح ، وكذلك أيضا إذا وقع حرف الحلق عينا فإنه يقتضي فتح العين أيضا ، نحو : سأل يسأل ، وجهد يجهد ، ونحر ينحر ، وفخر يفخر ، ونعب ينعب ، وفغر يفغر ، إلا ما جاء على الأصل ، نحو : نعق ينعق ؛ فدل على أن «وجل يوجل» لا حجة لهم فيه. وفي وجل يوجل أربع لغات : أحدها تصحيح الواو ، وهي اللغة المشهورة ، واللغة الثانية «ياجل» فتقلب الواو ألفا لمكان الفتحة قبلها وفرارا من اجتماع الياء والواو إلى الألف ، واللغة الثالثة قلب الواو ياء نحو «ييجل» وذلك على طريقة سيّد وميّت وإن لم يمكن الإدغام لتحرك الأول ، واللغة الرابعة «ييجل» بكسر الياء ؛ لأنهم أرادوا أن يقلبوا الواو ياء فكسروا ما قبلها ليجري قلبها على سنن القياس في نحو ميعاد وميزان وميقات [٣٢٨] ، والأصل فيها موعاد ، وموزان ، وموقات ؛ لأنها من الوعد والوزن والوقت ، إلا أن الواو لما