بالإجماع دليل على أنه من النادر الذي لا يلتفت إليه ولا يقاس عليه.
وأما قولهم «إنكم تذهبون إلى أن «أن» الخفيفة المصدرية تعمل مع الحذف بعد الفاء والواو وأو ولام كي ولام الجحود وحتى ، وإذا جاز لكم أن تعملوها مع الحذف وهي من عوامل الأفعال كذلك يجوز لنا أن نعمل اللام مع الحذف وهي من عوامل الأفعال» قلنا : الجواب عن هذا من وجهين :
أحدهما : إنما جاز حذفها لأن هذه الأحرف دالة عليها ، فصارت في حكم ما لم يحذف ، على ما بيّنا في حذف ربّ وحرف الشرط ، بخلاف لام الأمر ، فبان الفرق بينهما.
والوجه الثاني : أنه لو كانت اللام الجازمة للفعل محذوفة كما تحذف أن لكان يجب أن يلقى حرف المضارعة فيقال «تفعل» في معنى لتفعل ، كما بقي حرف المضارعة مع حذف أن بعد الفاء والواو وأو ولام الجحود ولام كي وحتى ، فلما حذف هاهنا حرف المضارعة فقيل «افعل» دل على أن ما ذهبوا إليه قياس باطل لا أصل له ولا حاصل.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه أن ما كان على وزن فعال من أسماء الأفعال نحو نزال مبنيّ لقيامه مقام فعل الأمر ، فلو لم يكن فعل الأمر مبنيّا وإلا لما بني ما قام مقامه.
قولهم «إنما بني ما كان على فعال من أسماء الأفعال لتضمنه معنى لام الأمر ، لأن نزال اسم انزل وأصله لتنزل» قلنا : هذا بناء منكم على أن فعل الأمر مقتطع من الفعل المضارع ، وقد بيّنا فساده بما يغني عن الإعادة ، ودللنا على أن فعل الأمر صيغة مرتجلة قائمة بنفسها باقية في البناء على أصلها ؛ فوجب أن يكون هذا الاسم مبنيا لقيامه مقامه على ما بيّنا ، والله أعلم.