٧٣
مسألة
[القول في علة إعراب الفعل المضارع](١)
أجمع الكوفيون والبصريون على أن الأفعال المضارعة معربة. واختلفوا في علة إعرابها ؛ فذهب الكوفيون إلى أنها إنما أعربت لأنه دخلها المعاني [٢٢٥] المختلفة والأوقات الطويلة. وذهب البصريون إلى أنها إنما أعربت لثلاثة أوجه ؛ أحدها (٢) أن الفعل المضارع يكون شائعا فيتخصص ، كما أن الاسم يكون شائعا فيتخصص ، ألا ترى أنك تقول «يذهب» فيصلح للحال والاستقبال ، فاختص بعد شياعه ، كما أن الاسم يختص بعد شياعه ، كما تقول «رجل» فإذا قلت «سوف يذهب» اختص بالاستقبال ، فاختصّ بعد شياعه ، كما أن الاسم يختصّ بعد شياعه ، كما تقول «رجل» فيصلح لجميع الرجال ، فإذا قلت «الرجل» اختص بعد شياعه ، فلما اختص هذا الفعل بعد شياعه كما أن الاسم يختص بعد شياعه فقد شابهه من هذا الوجه ، والوجه الثاني : أنه تدخل عليه لام الابتداء تقول «إن زيدا ليقوم» كما تقول «إن زيدا لقائم» فلما دخلت عليه لام الابتداء كما تدخل على الاسم دل على مشابهة بينهما ، ألا ترى أنه لا يجوز أن تدخل هذه اللام على الفعل الماضي ولا على فعل الأمر! ألا ترى أنك لا تقول «إن زيدا لقام» ولا «إن زيدا لا ضرب عمرا» وما أشبه ذلك ؛ لعدم المشابهة بينهما وبين الاسم.
والوجه الثالث : أنه يجري على اسم الفاعل في حركته وسكونه ، ألا ترى أن قولك «يضرب» على وزن «ضارب» في حركته وسكونه ، فلما أشبه هذا الفعل الاسم من هذه الأوجه وجب أن يكون معربا كما أن الاسم معرب.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين : قولهم «إنما أعربت لأنها دخلها المعاني
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : أسرار العربية للمؤلف (ص ١٢٦) وشرح ابن يعيش على المفصل (ص ٩٢٢) وشرح الأشموني مع حاشية الصبان (١ / ٦٤ و ٣ / ٢٣٤ بولاق) وتوضيح الشيخ خالد الأزهري (١ / ٦٦ و ٢ / ٢٨٩).
(٢) العلة في إعراب المضارع عند البصريين هي مشابهته للاسم ، وهذه الوجوه التي ذكرها المؤلف هي بعض وجوه مشابهة الفعل المضارع للاسم.