.................................................................................................
______________________________________________________
ولد المصنف جعل ذلك من قبيل الظروف المختصة أيضا واعتذر عن تعدي العامل إليه في قولك : قعدت مقعد زيد دون بقية الأمكنة المختصة بقوة دلالة العامل عليه حينئذ (١) ، فوافق كلامه كلام ابن عصفور في الحكم والتعليل.
والذي يظهر لي أن الأمر بخلاف ما قالاه ، لأن نحو : مقعد زيد ومرقد عمرو ومعتكف خالد ومصلى فلان لا يعلم حقيقته بنفسه ، بل بما يضاف إليه ، وهذا شأن المبهم كما عرفت قبل من كلام المصنف ، ويدل على ذلك قوله في الألفية : وما صيغ من الفعل كمرمى من رمى بعد قوله : نحو الجهات والمقادير (٢) فإن ما صيغ معطوف على المجرور بقوله نحو ، فالمعنى : ولا تقبل المكان إلا مبهما نحو الجهات والمقادير ونحو ما صيغ من الفعل ؛ فكل هذا تفسير للمبهم ، فإن قيل : إذا كان هذا القسم داخلا في المبهم فلأي شيء ذكره؟ فالجواب : أن ذكره له كذكره لغيره ، ولأنه لما كان شرط صحة نصبه على الظرفية أن يعمل فيه ما شاركه في الحروف والمعنى احتاج أن ينص عليه ليذكر شرطه ، وكلام ابن أبي الربيع يدل على ما قلته ؛ فإنه قال : وأما المشتقات فلا يتعدى إليها إلا ما اشتقت منه ؛ لأنها تدل عليها وتتنزل من أفعالها منزلة المبهم من جميع الأفعال ، ألا ترى أنك إذا قلت : جلست فإنه يقتضي مجلسا يقع فيه كما يقتضي المبهم ، فيتعدى إليه كما يتعدى إلى المبهم.
ومنها : أن العادات اختلفت في تفسير المبهم من الأمكنة ، فمن النحاة من لم يفسره بشيء ، وإنما قال : المبهم الجهات الست (٣) ، واحتاج القائل ذلك أن يقول : وحمل عليها ـ يعني على الجهات الست ـ عند ولدى وشبههما ، لإبهامها (٤).
ومنهم من فسره بأن قال : المبهم ما ليس له نهاية معروفة ولا حدود محصورة ـ
__________________
(١) ينظر : شرح الألفية لابن الناظم (ص ١٠٨ ، ١٠٩).
(٢) ينظر : شرح الألفية للمرادي (٢ / ٩٢) ، وشرح المكودي (ص ٩٨).
(٣) هذا قول الجرجاني في الجمل له (ص ١٦) تحقيق على حيدر.
(٤) ينظر : الفصول الخمسون لابن معط (١٨٥ ، ١٨٦) حيث فسر المبهم بالجهات الست وما في معناها ، وشرح ابن عقيل (١ / ١٩٨) ، حيث فسره بذلك أيضا.