.................................................................................................
______________________________________________________
صلاحيته أن يكون طريقا ، لا يطلق عليه بيت لمجرد صلاحيته أن يكون بيتا ؛ فالطريق إذا مكان مختص كما أن البيت مكان مختص ، ومن قال : إن الطريق حقيق الظرفية القياسية ابن الطراوة ، وزعم أنه يقال : ذهبت طريقي ومروا طرقاتكم (١) ، قال أبو علي الشلوبين : والرد عليه تكذيبه ، قلت : ويناسب قول ابن الطراوة في الطريق حكاية السيرافي عن بعض النحويين أنه قال : إنما قالت العرب : ذهبت الشأم ، لأن الشأم بمعنى اليسار ، فإنه يقال : شامه إذا قابل يساره ، وأجاز هذا القائل أن يقال : ذهبت اليمن ، لأن اليمن بمعنى اليمين ، ولم يجز أن يقال : ذلك في عمان ومكة ؛ لأنه ليس فيهما ذلك المعنى ، ويلزم هذا أن يجيز ذلك في العالية ؛ لأن فيها معنى فوق (٢). هذا معنى قول السيرافي ، قلت : ولو كان قولهم : ذهبت الشام لكونه بمعنى يسار لكان غير ذهب أولى بذلك من ذهب ، فكان يقال : أقمت الشام كما يقال : أقمت يسار الكعبة ، ففي عدم معاملة غير «ذهب» بهذه المعاملة دلالة على أن باعثهم على ذلك إنما هو كثرة الاستعمال ، ولذلك شبهه سيبويه بدخلت البيت (٣) ، وقال الفراء : العرب تعدي ذهب وانطلق إلى جميع البلدان ، فيقال : ذهبت الكوفة وانطلقت الغور (٤) ، فعلى قول الفراء لا تختص ذهب بنصيب الشام بل ينتصب به كل بلد ، وكذلك انطلق ، ولا علة لذلك إلا كثرة الاستعمال كما فعل بدخل [٢ / ٤٥٣] مع جميع الأمكنة المختصة ، وفي فعل هذا بانطلق دلالة واضحة على أن الأصل في هذه الأفعال الثلاثة التعدي بحرف جر ، إذ لا يوجد الفعل متعد بنفسه (٥). هذا كلام المصنف رحمهالله تعالى ، ولنتبعه بأمور ننبه عليها :
منها : أن النحاة مطبقون على أن اسم المكان لا ينصب منه على الظرف إلا ما كان مبهما (٦) ، معتلين لذلك بأن أصل العوامل الفعل ، ودلالته على الزمان أقوى
__________________
(١) ينظر : أبو الحسين بن الطراوة وأثره في النحو (ص ٨٩ ، ٩٠) ، والارتشاف (ص ٦٨٩).
(٢) ينظر : شرح الجمل لابن عصفور (١ / ٣٣٠) ، وشرح السيرافي (٢ / ٢٤٣) ، والتذييل (٣ / ٣٨٧).
(٣) ينظر : الكتاب (١ / ٤١٤).
(٤) ينظر : شرح الجمل لابن عصفور : (١ / ٣٣١) طبعة العراق ، والهمع (١ / ٢٠٠).
(٥) شرح التسهيل للمصنف (٢ / ٢٢٥ ـ ٢٢٩).
(٦) ينظر : المقتضب (٤ / ٣٣٥ ، ٣٣٦) ، واللمع لابن جني (ص ١٣٩) ، وشرح الألفية للمرادي (٢ / ٩٢) ، والمسائل البغداديات للفارسي (ص ٣٣٢) رسالة بجامعة عين شمس.