.................................................................................................
______________________________________________________
وقال أبو البقاء : «العامل فيه فعل القسم المحذوف ، التقدير : أقسم بالنجم وقت هويّه» (١) ، وما قاله غير ظاهر ، فإن وقت هويه مستقبل ؛ لأن إذا هي الدالة عليه ، وهي للاستقبال. والفعل المضارع يتعين استقباله بعمله في ظرف مستقبل ، فيلزم استقبال «أقسم» وهو فعل إنشائي لا محالة ، وقد عرفت أن وجود معنى ما هو كذلك يجب أن يكون مقارنا لوجود لفظه ، والذي يظهر أن يكون الظرف المذكور في موضع الحال ، فيكون العامل فيه إذ ذاك محذوفا ، التقدير : أقسم بالنجم كائنا وقت هويه ، وكذا التقدير في بقية الآيات ، ومثّل غير المصنف (٢) لخروج إذا عن الشرطية [بقوله] تعالى : (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ)(٣) ، (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ)(٤) فقال : لو كانت إذا شرطية وجب اقتران الجواب بالفاء ؛ لأنه جملة اسمية ، وقد التزم بعضهم شرطيتها في الآيتين الشريفتين ، وذكر أن الفاء تضمر في الجواب أو أن الضمير توكيد لا مبتدأ ، وما بعده الجواب ، ولا يخفى ضعف ذلك (٥).
وأما مفارقتها الاستقبال ، فقد عرفت أن المصنف استدل على ذلك بقوله تعالى : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ)(٦) ، وبقوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها)(٧) ، واستدل أيضا بقول الشاعر : ـ
١٥٤٢ ـ حللت بها وتري .... |
|
..... البيت (٨) |
وبقول الآخر : ـ
١٥٤٣ ـ ما ذاق بؤس معيشة .... |
|
...... البيت أيضا (٩) |
واستدل أيضا على وقوع «إذ» موقع «إذا» بقوله تعالى : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى)(١٠) فقال : إن إذ هذه [٢ / ٤٢٨] بدل من (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ)(١١) ويوم يجمع مستقبل المعنى ، قال : فيتعين كون المبدل منه مثله في الاستقبال ، وبقوله ـ
__________________
(١) إملاء ما من به الرحمن (٢ / ٢٤٦).
(٢) هو ابن هشام.
(٣) سورة الشورى : ٣٧.
(٤) سورة الشورى : ٣٩.
(٥) مغني اللبيب لابن هشام (١ / ١٠٠) ، وشرح قواعد الإعراب (ص ١٧٧).
(٦) سورة التوبة : ٩٢.
(٧) سورة الجمعة : ١١.
(٨) تقدم ذكره.
(٩) تقدم ذكره.
(١٠) سورة المائدة : ١١٠.
(١١) سورة المائدة : ١٠٩.