.................................................................................................
______________________________________________________
وأما مفارقتها الشرطية فقد مثل له المصنف كما عرفت بقوله تعالى : (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا)(١) وبقوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى)(٢) ولم يظهر لي وجه الاستدلال من الآية الأولى ، فإن وجّه بأن الذي يدل على انتفاء الشرط عن «إذا» عدم صلاحيته «لسوف أخرج حيّا» لأن يكون جوابا له ، إذ الفاء في مثله واجبة ، وإذا انتفى كون (لَسَوْفَ أُخْرَجُ) جوابا [٢ / ٤٢٧] تخلصت «إذا» للظرفية ويكون العامل فيها «أخرج» فيتم الاستدلال الذي قصده المصنف ، لكن ينشأ على هذا إشكال وهو : أن ما بعد لام الابتداء لا يعمل فيما قبلها ، لأنها من أدوات الصّدر ، وحينئذ يبطل كون «أخرج» عاملا ، وإذا بطل كون «أخرج» عاملا ، وجب أن يكون العامل في إذا مقدرا من معنى أخرج (٣) ، التقدير : «إذا ما مت أبعث» لكن إذا كان العامل أبعث الذي هو مقدر ، كان هو الجواب ، وإذا كان هو الجواب مع كونه جوابا صناعيّا أمكن دعوى الشرطية في «إذا» ، إذ لا مانع من ذلك ، وحينئذ لا يتم استدلال المصنف بهذه الآية الشريفة على أن «إذا» فارقتها الشرطية وخلصت للظرفية.
وأما الآية الشريفة الثانية وهي قوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) ومثله : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى)(٤) ، (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ)(٥) فظاهر كون إذا فيه خلصت للظرفية وتجردت عن معنى الشرط ؛ لأن فعل القسم المقدر مقصود به الإنشاء ، فوجب أن يكون وجود معناه مقارنا لوجود لفظه ، فلو كان الشرط مقصودا وجب أن يتأخر وجود المعنى إلى حين وجود الأمر المشروط ، وذلك خلاف المقصود من الفعل الإنشائي الذي هو أقسم وشبهه ، وإذا كان كذلك «فإذا» في هذه الآيات الشريفة تمحضت للظرفية (٦).
بقي الكلام في العامل في الظرف ما هو؟.
لم أر في كلام المصنف ولا كلام الشيخ تعرضا إلى ذكره. ـ
__________________
(١) سورة مريم : ٦٦.
(٢) سورة النجم : ١.
(٣) ينظر : إملاء ما من به الرحمن (٢ / ١١٥).
(٤) سورة الليل : ١.
(٥) سورة الفجر : ٤.
(٦) ينظر : المغني (١ / ١٠٠) ، وشرح الدماميني على المغني (١ / ٢٠٢) ، والمنصف من الكلام على مغني ابن هشام (١ / ٢٠٢ ، ٢٠٣) ، والهمع (١ / ٢٠٦) ، والمطالع السعيدة (ص ٣٢٤).