.................................................................................................
______________________________________________________
الأمر الثالث : قد حكم المصنف بضعف الإلغاء في نحو : متى ظننت زيد قائم كما عرفت ولما كانت «متى» في هذا التركيب يحتمل أن يكون ظرفا للفعل الذي هو ظننت وللخبر الذي هو قائم قيد ذلك في الشرح بقوله : وبتقليل قبحه بعد معمول الخبر نحو : متى ظننت زيد قائم ، فعلم أن الإلغاء في مثل هذا المثال إنما يجوز إذا كان الظرف المتقدم من متعلقات الخبر ، لا من متعلقات الفعل ، لكن ظاهر كلام ابن عصفور يعطي أنه لا يشترط أن يكون ما تقدم على الفعل من متعلقات [٢ / ١٨٣] الخبر ولا من متعلقات الفعل أيضا ، فإنه قال : فإن لم يقع أولا يعني فإن لم تقع الأفعال المذكورة أول الكلام ، فالإعمال أحسن والإلغاء ضعيف (١) ، ومن الإلغاء قوله (٢) :
١١٣٦ ـ كذلك أدّيت حتّى صار من خلقي |
|
أنّي رأيت ملاك الشّيمة الأدب (٣) |
وهذا البيت إنما تقدم فيه على الفعل حرف والحرف ليس معمولا لشيء ، والذي يظهر أن الذي قاله المصنف هو الحق ، لأن تقدم الفعل في هذا الباب وعدم تقدمه إنما هو معتبر بالنسبة إلى معموليه أو إلى ما هو من متعلقات أحد معموليه ؛ لأنه إذا تقدم عليه معمول لأحد معموليه صدق عليه أنه توسط في الجملة بالنسبة إلى ما هو من معمولاته ، أما إذا لم يتقدم شيء من ذلك ، فإن التوسط لا يصدق عليه ، وقد قال ابن أبي الربيع رحمهالله تعالى : إذا قلت اليوم ظننت زيدا شاخصا كان لك فيه معنيان : ـ
__________________
(١) المقرب لابن عصفور (١ / ١١٧).
(٢) قيل إنه بعض الفزارين كما في حماسة أبي تمام.
(٣) البيت من البسيط وهو في المقرب (١ / ١١٧) ، وشرح الجمل لابن عصفور (١ / ٣١٤) ، وشرح عمدة الحافظ لابن مالك (ص ١٥٠) ، والتذييل (٢ / ٩٩٠) ، وشرح الكافية للرضي (٢ / ٢٨٠) ، وشرح الحماسة للمرزوقي (٣ / ١١٤١) ، وشرح التبريزي (٣ / ١٤٧) ، وشواهده النحو في حماسة أبي تمام (ص ٢٨٧) ، وشرح ابن عقيل (١ / ١٥٢) ، وشرح شواهده (ص ٩٥) ، والبهجة المرضية (ص ٤٣) ، والهمع (١ / ١٣٥) ، والدرر (١ / ١٣٥) ، والتصريح (١ / ١٥٨) ، والأشموني (٢ / ٢٩) ، وأوضح المسالك (١ / ١٢٣) ، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٧٧) ، وشرح الألفية للمرادي (١ / ٣٨٢) ورواية البيت في الحماسة «الأدبا» مكان «الأدب».
والشاهد في البيت قوله : (إني رأيت ملاك الشيمة الأدب) حيث ألغي «رأيت» مع تقدمه على الجزأين ، وقد خرج البيت على أن هناك لام ابتداء مقدرة في المبتدأ والتقدير لملاك الشيمة الأدب ، وعلى ذلك يكون الفعل معلقا لا ملغى وقيل إنه على تقدير ضمير الشأن.