.................................................................................................
______________________________________________________
أحدهما : أن تريد أن ظنك وقع في هذا اليوم وليس الشخوص فيه فإذا قصدت هذا لم يكن في الظن إلا الإعمال لأنها متقدمة.
الثاني : أن تريد أن الشخوص وقع في هذا اليوم وربما كان ظنك قبل هذا اليوم بزمان كثير ، فإذا أردت هذا كان لك فيه وجهان : الإعمال والإلغاء وتقول : متى ظننت زيدا قائما فيجوز لك وجهان : الإلغاء والإعمال إذا جعلت الظرف متعلقا بقائم ، فإن جعلته متعلقا بظننت لم يكن فيه الإعمال لأن الظن متقدم ، وإذا قلت : هل ظننت زيدا شاخصا ، فالاختيار الإعمال لأن ظننت متقدمة ، ويظهر من كلام سيبويه أنه يجوز فيه الإلغاء (١) ، ووجه ذلك : أن هل استفهام وجيء بها للجملة التي بعدها فهي بعض من الجملة ، فقد تكون الجملة التي جيء بها لها زيد شاخص ، وليس في نيتك إلا ذلك ، ثم لما نطقت بـ «هل» على هذا القصد خطر لك الظن فجئت به بعد النطق بـ «هل» وفي النفس البناء على الابتداء والخبر ، فصار مجيئها بعد «هل» كمجيئها بعد زيد من : زيد ظننت قائم إلا أن الاختيار متى كان ذلك ، أن تأتي بالظن آخرا. انتهى.
وهذا يحقق ما اعتبره المصنف ؛ غير أن ابن عصفور قد يتمسك بإجازة سيبويه الإلغاء في هل ظننت زيدا شاخصا ، فإن ظاهره يقوي كلام ابن عصفور. وبعد فجواز الإلغاء في هذا المثال مشكل من جهة النظر ، وقد تلطف ابن أبي الربيع وتحدى في توجيهه ، ولكنه لم يرفع الإشكال رأسا ، وفي شرح الشيخ : فإن كان المتقدم حرفا لم يجز الإلغاء ، وذلك : أتظن زيدا منطلقا ، قال : لأنه لم يتقدم معمول أصلا (٢) ، وهذا جار على الأصل الذي تقدم تقريره إلا أن الشيخ لم يتعرض ما ذكره ابن أبي الربيع عن سيبويه في : هل ظننت [٢ / ١٨٤] زيدا شاخصا من جواز الإلغاء ، ثم عقب الشيخ كلامه الذي نقلناه عنه آنفا بأن قال : ومن صور هذه المسألة ـ وهي أن لا تتصدر ظننت مع كونها متقدمة على المعمولين ـ صورة لا ـ
__________________
(١) في سيبويه (١ / ١٢١) : وتقول : أين ترى عبد الله قائما ، وهل ترى زيدا ذاهبا ، لأن هل وأين كأنك لم تذكرهما ، لأن ما بعدهما ابتداء ، كأنك قلت : أترى زيدا ذاهبا ، وأتظن عمرا منطلقا.
فإن قلت : أين وأنت تريد أن تجعلها بمنزلة «فيها» إذا استغنى بها الابتداء قلت : أين ترى زيد ، وأين ترى زيدا. اه.
(٢) التذييل (٢ / ٩٩٤).