وقوله : فهلمّ جرا ، متعلق في المعنى بقوله في الجاهلية ، أي : كان سؤدد وائل في الجاهلية فما بعدها وانظر إعراب «هلم جرّا في الشاهد» رقم (٣٥٤) من حرف الراء [رسالة في توجيه النصب في إعراب «هلمّ جرا ، لابن هشام / ٤٦. والبيت الأول في الهمع / ٢ / ٢].
(٣٥٢) لطالما جررتكنّ جرّا |
|
حتى نوى الأعجف واستمرّا |
رجز لا يعرف قائله ، وهو شاهد على أن معنى «جرّا» من «هلم جرّا» مأخوذ من الجرّ في السّوق ، وهو أن تترك الإبل والغنم ترعى في السير. والأعجف : الهزيل ، و «نوى» صار له نيّ بفتح النون وتشديد الياء ـ وهو الشحم.
وأما النّيء ، بكسر النون ، وبهمزة بعد ياء ساكنة فهو اللحم الذي لم ينضج ، واستمرّ : من المرّة بكسر الميم ، وهو القوّة ، ومنه قوله تعالى : (ذُو مِرَّةٍ) [النجم : ٦]. [انظر مراجع البيت السابق].
(٣٥٣) باعد أمّ العمرو من أسيرها |
|
حرّاس أبواب على قصورها |
البيت لأبي النجم ، يريد بأسيرها : نفسه ، كأنه في أسرها ، لعشقه إيّاها.
والشاهد : إدخال اللام على العمر ، لتأوله بواحد من الأمة المسماة به ، فجرى مجرى فرس ورجل.
(٣٥٤) فإن جاوزت مقفرة رمت بي |
|
إلى أخرى كتلك هلمّ جرّا |
وردت قصة هذا البيت في مجمع الأمثال ، وملخصها : أنّ عائذا غاب عن أهله ، وكان له أخ يقال له جندلة ، وهما ابنا يزيد اليشكري ، ولما رجع عائذ ، قال له أخوه جندلة :
أعائذ ليت شعري أيّ أرض |
|
رمت بك بعد ما قد غبت دهرا |
مع أبيات أخرى ، فأجابه عائذ بأبيات منها :
أجندل كم قطعت إليك أرضا |
|
يموت بها أبو الأشبال ذعرا |
فإن جاوزت مقفرة رمت بي |
|
إلى أخرى كتلك هلمّ جرا |
فكان عائذ اليشكري ، أول من قال «هلم جرا» ومعنى «هلم جرا» سيروا على