يروون من أسباب قول الشعر ، أن الخنساء (تماضر بنت عمرو) طلت بعيرا لها ، ثم تجردت واغتسلت ، وكان دريد ينظر إليها ، وهي لا تراه ، فأعجبته فهويها ، فقال أبياتا أولها :
حيّوا تماضر واربعوا صحبي |
|
وقفوا فإن وقوفكم حسبي |
ما إن رأيت ... البيت.
مبتذلا تبدو محاسنه |
|
يضع الهناء مواضع النقب |
.. ولو قالوا : إنه أحبها لرؤيته لها وهي تهنأ البعير ، لكان أوقع في النفس ، ولكن أبا الفرج الأصبهاني ، والقالي ، صاحب الأمالي ، اللذان رويا القصة ، كانا يثيران غرائز فئة أماتت الإماء بقية الرجولة في نفوسهم ، ونقلها البغدادي في شرح أبيات المغني ، ليروّح عن طلاب النحو الذين أكدت عقولهم مسائل النحويين وخلافاتهم.
والشاهد في البيت «ما ، إن» قالوا : إن «ما» نافية ، و «إن» زائدة لتوكيد النفي. [شرح المفصّل / ٥ / ٨٢ ، وشرح أبيات المغني / ٨ / ٥١].
(٣٠٠) حناني ربّنا وله عنونا |
|
نعاتبه لئن نفع العتاب |
البيت غير منسوب. قال النحاس : كأنه قال : تحننا بعد تحنن ، لأنه مصدر ، وثناه لأنه يريد مرة بعد مرّة. [شرح أبيات سيبويه / ١٥٢].
(٣٠١) لقد حملت قيس بن عيلان حربها |
|
على مستقلّ للنوائب والحرب |
أخاها إذا كانت عضوضا سمالها |
|
على كلّ حال من ذلول ومن صعب |
.. في كتاب سيبويه : وزعم عيسى بن عمر أنه سمع ذا الرمّة ينشد هذا البيت نصبا ـ يريد البيت الثاني ـ والبيتان ليسا لذي الرّمة.
وقوله : على مستقلّ : أي : ناهض بما حمّل. والنوائب : ما ينوب الإنسان ، أي : ينزل به ، من المهمات والحوادث.
.. وقوله : أخاها : أي : أخا الحرب. وعضوضا : شديدة. وسمالها : أي : للحرب ، ارتفع لها راكبا لذلولها وصعبها ، لا يتهيبه شيء.