.................................................................................................
______________________________________________________
وروي عن ثعلب منع الإخبار بجملة قسمية (١).
قال المصنف (٢) : «وهو أيضا منع ضعيف ؛ إذ لا دليل عليه مع ورود الاستعمال بخلافه كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً)(٣) وقوله : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا)(٤) وقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ)(٥) وقال الشاعر :
٦٢٣ ـ جشأت فقلت اللّذ خشيت ليأتين |
|
هو إذ أتاك فلات حين مناص (٦) |
ثم ها هنا أمر ينبه عليه (٧) : وهو أنه قد علم أن أصل الخبر أن يكون مفردا ، وأن الجملة إذا وقعت خبرا فهي واقعة موقع المفرد ومؤولة به ، حتى إنهم ذكروا أنك إذا قلت : زيد ضربته أن الجملة ليست مسندة إلى زيد بالأصالة ، وإنما وقعت موقع المسند إلى زيد ، والأصل : زيد مضروب لي ، وإذا قلت : عمرو أكرمته فالأصل عمرو مكرم ، ثم وضع ضربته موضع مضروب ، وأكرمته موضع مكرم ، فلما وقعت الجملة موقع المسند إلى المبتدأ قيل : إنها مسندة إليه ، وهذا كلام مقبول ؛ لكنهم عللوا ذلك بأن الفعل في نحو : زيد ضربته مسند إلى ضمير المتكلم ، وقد استقل بالإسناد إليه الكلام ، وحصلت منه الإفادة ، ومن شرط المسند والمسند إليه أن يكون كل واحد منهما لا يستقل بالإفادة ، وإنما تحصل الإفادة من إسناد أحدهما إلى الآخر ، نحو :
زيد قائم وعمرو أخوك ، قالوا : فعلى هذا ليس ضربته من زيد ضربته مسندا إلى زيد.
وفيما ذكروه نظر : لأن إسناد ضرب إلى التاء لا يمنع إسناد الجملة إلى ما هي خبر ـ
__________________
(١) المرجعان السابقان.
(٢) شرح التسهيل (١ / ٣١٠) إلا أنه لم يذكر الآية الثانية والثالثة.
(٣) سورةالنحل : ٤١.
(٤) ناقصة من الأصل هي والتي بعدها سورةالعنكبوت : ٦٩.
(٥) سورةالعنكبوت : ٩.
(٦) البيت من بحر الكامل لقائل مجهول كما قالت مراجعه.
ومعنى : جشأت : أي فزعت. يذكر أن نفسه فزعت من الأحداث وما يأتي به الدهر ، فقال لها :
لا تفزعي ولا تجزعي ، فكل ما هو مقدر واقع ، وإذا وقع فلا فرار منه.
وشاهده قوله : اللّذ خشيت ليأتين ، حيث وقع الخبر جملة قسمية ، وهو جائز عند الجمهور غير جائز عند ثعلب.
والبيت في : شرح التسهيل (١ / ٣١٠) ، والتذييل والتكميل (٢ / ٢٧) ومعجم الشواهد (ص ٢٠٧).
(٧) هذا الكلام لناظر الجيش ، وانظر إلى براعته ودقة كلامه.