.................................................................................................
______________________________________________________
شائع في كلام العرب كقول رجل من طيئ :
٦٢٢ ـ قلب من عيل صبره كيف يسلو |
|
صاليا نار لوعة وغرام (١) |
انتهى.
والشّبه التي تمسك بها ابن الأنباري ضعيفة من جهة أخرى ، وهي أن الخبر لفظ مشترك فيه ، فتارة يطلق ويراد به ما يقابل الإنشاء من الجمل المحتملة للصدق والكذب ، ويطلق أيضا على الجزء المسند إلى مبتدأ مفردا كان أو جملة سواء كانت الجملة خبرية أو طلبية (٢).
وكان ابن السراج يجنح إلى ما جنح إليه ابن الأنباري من التعليل ، لكنه لما رأى ورود ذلك في الكلام جعل الخبر محذوفا ، والجملة الطلبية معمولة لذلك المحذوف ، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله : ولا يلزم تقدير قول قبل الجملة الطّلبيّة ؛ خلافا لابن السّرّاج (٣).
فالتقدير في نحو : زيد اضربه عندهم : زيد مقول فيه : اضربه ، أو زيد أقول لك : اضربه ، ويضعف هذا التقدير أن المعنى يختلف بسببه ، وذلك أنك إذا قلت : زيد اضربه فأنت آمر ومنشئ للاقتضاء ، وإذا قلت : زيد مقول فيه : اضربه ، أو أقول لك : اضربه فأنت مخبر ، وإذا كان كذلك فكيف يقدر ما يؤدي إلى معنى غير المعنى المراد من الكلام أولا. ـ
__________________
(١) البيت من بحر الخفيف لرجل من طيئ ، ولم يعين في مراجع البيت.
اللغة : عيل صبره : ذهب وفرغ. صاليا : من صلى النار إذا تقلب فيها واحترق بها ، قال تعالى : (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى)[الليل : ١٥].
وهو يتعجب من نفسه : كيف يسلو قلبه عن حبها ، وقد أراد ذلك ولم يستطع ؛ لأن قلبه اكتوى بنارها وذاب في حبها.
وشاهده : وقوع الخبر وهو قوله : (كيف يسلو) جملة إنشائية ، وفيه رد على ابن الأنباري ومن وافقه الذي منع ذلك.
البيت في : شرح التسهيل (١ / ٣١٠) ، والتذييل والتكميل (٤ / ٢٧) ومعجم الشواهد (ص ٣٧٧).
(٢) وفي الإخبار بالجملة الطلبية قال سيبويه : (١ / ١٣٨) : وقد يكون في الأمر والنّهي أن يبنى الفعل على الاسم ، وذلك قولك : عبد الله اضربه ، ابتدأت عبد الله ، فرفعته بالابتداء ، ونبهت المخاطب له لتعرفه باسمه.
(٣) التذييل والتكميل (٤ / ٢٧) والهمع (١ / ٩٦).