.................................................................................................
______________________________________________________
٥٥١ ـ أما ترى حيث سهيل طالعا |
|
[نجما يضيء كالشّهاب لامعا (١)] |
فلو ارتفع الاسم بعد حيث بها لزم عروها عن الإضافة ، وهذا أمر لا عهد لأحد بمثله في كلام العرب ، وإذا انتفى أن يرفع الحال ضميرين انتفى كونها خبرا.
ومما يبطل أيضا كون الحال رافعة ضميرين أننا لو ثنينا فقلنا : ضربي أخويك قائمين لم يمكن أن يكون في قائمين هنا ضميران ؛ لأنه لو كان لكان أحدهما مثنّى والآخر مفردا ، وتثنية اسم الفاعل وإفراده إنما هو بحسب ما يرفع من الضمير ، فكان يلزم أن يكون اسم الفاعل مفردا مثنّى في حال واحدة ، هذا ما لا يمكن بوجه ، فبان بطلان ما ذهب إليه الكسائي وهشام.
وأما قولهما بجواز تأكيد الضميرين ، فشيء ذكروه قياسا لا سماع يعضده أصلا.
وأما قول الفراء (٢) رحمهالله تعالى : إن الحال لم تتحمل ضمير المبتدأ للزومها مذهب الشرط فالجواب عنه أن الشرط ـ بمفرده من غير جواب لا يصلح للخبرية ؛ لأنه لا يفيد. وإذا كان كذلك تعين أن جواب الشرط محذوف فيكون الضمير محذوفا مع الجواب مع أن جميع ما ذكروه ادعاء ، ولا دليل على شيء منها ، فكيف يصار إليها؟
وأما تشبيه ابن كيسان (٣) رحمهالله تعالى الحال بالظرف فكأنه قال : ضربي زيدا في حال قيام ـ فليس بشيء ؛ لأنه لو جاز ذلك [١ / ٣١٥] بهذا التقدير لجاز مع الجثة أن تقول : زيد قائما ؛ لأنه بمعنى زيد في حال قيام ، وحيث لم يجز ذلك دل على فساد ما ذكروه.
وأما قولهم : إنه منصوب على الخلاف : ففاسد أيضا ؛ لأن الخلاف لو كان عاملا ـ
__________________
(١) البيتان من الرجز المشطور ، وهما في المدح وقائلهما مجهول ، والشهاب هو النجم اللامع.
وشاهده كالذي قبله. وقال صاحب الدرر : (١ / ١٨٠) ولا يخفى أن إعراب هذا الشعر مشكل ، والذي أراه أن الرؤية بصرية ، وأن حيث مفعول به لترى ، وسهيل مجرور بإضافة حيث إليه ، وطالعا حال من سهيل ، ومجيء الحال من المضاف إليه وإن كان قليلا فقد ورد كثير منه في الشعر ، قال تأبط شرّا :
سلبت سلاحي بائسا وشتمتني |
|
فيا خير مسلوب ويا شرّ سالب |
والبيت كالذي قبله لم يرد إلا في معجم الشواهد (ص ٤٩٧).
(٢) انظر في نقد رأي الفراء : التذييل والتكميل (٣ / ٣٠٣) والهمع : (١ / ١٠٦).
(٣) انظر في نقد رأي ابن كيسان المرجعين السابقين.