.................................................................................................
______________________________________________________
وأما قول الكسائي وهشام (١) : فيبطله أن العامل الواحد لا يعمل في معمولين ظاهرين ليس أحدهما تابعا للآخر رفعا ، فكذلك لا يعمل في مضمرين (٢).
وما ذهبا إليه من أن قولنا : زيد حيث عمرو حيث فيه رافعة لزيد وعمرو ؛ لأن معناه زيد في مكان فيه عمرو. فقد نابت حيث مناب ظرفين هما في مكان وفيه في المعنى ، فرفعت الاسمين اللذين كانا يرتفعان بهما ـ لا وجه له (٣) ؛ لأن هذا شيء لا نظير له في كلام العرب. ولأنه يلزم أن يكون كذلك إذا قلت : زيد حيث جلس عمرو ؛ إذ المعنى : زيد في مكان جلس فيه عمرو ، ولو كان كذلك وجب أن تكون مرفوعة منصوبة ؛ لأنها نابت مناب ظرفين أحدهما مرفوع والآخر منصوب ، فتكون عمدة من جهة الرفع وفضلة من جهة النصب ، وفي هذا ما فيه.
والصحيح أن الاسم بعد حيث مرفوع بالابتداء وخبره محذوف بدليل ظهوره إذا قلت : زيد حيث عمرو جالس ؛ فلو رفعت حيث عمرو لبقي جالس لا إعراب له ، ولأن حيث يلزم الإضافة إلى الجمل إلا ما جاء شاذّا من قول الشاعر :
٥٥٠ ـ [ونطعنهم تحت الحبى بعد ضربهم |
|
ببيض المواضي] حيث ليّ العمائم (٤) |
وقوله : ـ
__________________
(١) وهو أن الحال نفسها هي الخبر وقد سدت مسده. وانظر في نقد رأيهما : التذييل والتكميل : (٣ / ٣٠٢) والهمع : (١ / ١٠٦).
(٢) إنما قال : لا يعمل في مضمرين لأنهما قالا : إن الحال لا يتحمل ضميرين الأول لصاحب الحال والثاني للمبتدأ.
(٣) قوله : لا وجه له خبر المبتدأ في قوله : وما ذهبا إليه.
(٤) البيت من بحر الطويل ، وهو في الفخر نسبه صاحب معجم الشواهد إلى عملس بن عقيل ، ونسبه السيوطي في شرح شواهد المغني : (١ / ٣٨٩) إلى الفرزدق ، وبحثت عنه في ديوانه فلم أجده.
اللغة : الحبى : بضم الحاء وكسرها جمع حبوة وهي أواسط ظهر الإنسان. بيض المواضي : السيوف البواتر. حيث ليّ العمائم : كناية عن الرءوس.
والمعنى : نضربهم فوق رؤوسهم ونطعنهم في ظهورهم.
واستشهد بالبيت على : إضافة حيث للمفرد ، وذلك شاذ لأن حيث من الظروف الواجب إضافتها إلى الجمل ، وهي في البيت ظرف مكان مبني.
والبيت لم يأت في شرح التسهيل لابن مالك في هذا الموضع ، ولا في شرح أبي حيان وهو في معجم الشواهد (ص ٣٦٣).