وعمرو بن عثمان وقالا له : ما عاب أحد ابن عملك بأقبح ممّا عبته به.
فقال لهما : أنّه صلاهما مع النبي صلىاللهعليهوآله وأبي بكر وعمر قصرا.
فقالا له : إنّ ابن عمك قد كان أتمّهما ، وإنّ خلافك إيّاه عيب ، فخرج معاوية إلى منى فصلّاها بنا أربعا (١).
وكذلك تابع عثمان في الجمع بين الأختين بملك اليمين (٢) ، وكذلك ترك معاوية التكبير المسنون في الصلاة لترك عثمان ، وتركه زياد بن أبيه لترك معاوية (٣).
ومثله فعل في تركه التلبية في الحج (٤) ، حيث نصّوا على أنّ النبي صلىاللهعليهوآله وأبا بكر وعمر أهلّوا ولم يذكروا عثمان (٥) ، هذا إلى غيرها من المفردات الفقهية.
وكذلك كانت خطوات معاوية في تقرير قاعدة «من غلب» بعد أن كان يعتقدها عثمان ، مضافا إلى مفاهيم عقائدية ركّزها معاوية يعود نفعها لتثبيت أركان الحكم الأموي وعلى رأسه أفكار عثمان ، والّذي يهمنا هو تبنّيه لفقه عثمان ، وتأثير ذلك على الوضوء.
لقد سار الفقه الأموي على خطى عثمان ، فراح يستفيد من «أسبغ الوضوء» و «ويل للأعقاب من النار» لترسيخ الوضوء العثماني.
١ ـ فقد دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على عائشة يوم توفّي سعد بن أبي وقاص [سنة ٥٥ ه] فتوضأ عندها ، فقالت له : يا عبد الرحمن ، أسبغ الوضوء ، فإني سمعت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يقول : ويل للأعقاب من النار (٦).
فلاحظ كيف عدلت عائشة عن قول النبي صلىاللهعليهوآله «أسبغوا الوضوء» ـ مع أنّ المقام
__________________
(١) أنظر مسند أحمد ٤ : ٩٤ ، فتح الباري ٢ : ٤٥٧ ، نيل الأوطار ٣ : ٢٥٩.
(٢) انظر الدر المنثور ٢ : ١٣٧ ، والموطأ ٢ : ٥٣٨ / الحديث ٣٤.
(٣) انظر فتح الباري ٢ : ٢١٥.
(٤) سنن النسائي (المجتبى) ٥ : ٢٥٣ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٣.
(٥) انظر المحلى ٧ : ١٣٥ ـ ١٣٦ ، فتح الباري ٣ : ٤١٩ ـ ٤٢٠.
(٦) صحيح مسلم ١ : ٢١٣ / الحديث ٢٥ ، الموطأ ١ : ١٩ / الحديث ٥ ، شرح معاني الآثار ١ : ٣٨ / الحديث ١٨٨.