يا رسول اللّٰه : ما هذه الفتنة التي أخبرك اللّٰه تعالى بها؟
فقال : يا عليّ إنّ أمّتي سيفتنون من بعدي.
فقلت : يا رسول اللّٰه : أو ليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد ، من استشهد من المسلمين وحيزت عنّي الشهادة ، فشق ذلك عليّ ، فقلت لي : أبشر ، فإنّ الشهادة من ورائك؟ فقال لي صلىاللهعليهوآله : إنّ ذلك لكذلك ، فكيف صبرك إذن؟.
فقلت : يا رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، ليس هذا من مواطن الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر.
وقال صلىاللهعليهوآله : يا علي إنّ القوم سيفتنون بأموالهم ، ويمنّون بدينهم على ربّهم ويتمنّون رحمته ، ويأمنون سطوته ، ويستحلّون حرامه بالشبهات الكاذبة ، والأهواء الساهية ، فيستحلّون الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع.
قلت : يا رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، فبأيّ المنازل أنزلهم عند ذلك؟ أبمنزلة ردّة أم بمنزلة فتنة؟
فقال : بمنزلة فتنة (١).
وأخرج الحكيم الترمذي عن عمر بن الخطاب ، قال : أتاني رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله وأنا أعرف الحزن في وجهه ، فأخذ بلحيتي ، فقال : إنا للّٰه وإنا إليه راجعون ، أتاني جبريل آنفا فقال : إنا للّٰه وإنا إليه راجعون.
قلت : أجل ، فإنا للّٰه وإنا إليه راجعون ، فممّ ذاك يا جبرائيل.
فقال : إنّ أمتك مفتتنة بعدك بقليل من الدهر غير كثير.
قلت : فتنة كفر أو فتنة ضلالة؟
قال : كلّ ذلك سيكون.
قلت : ومن أين ذاك ، وأنا تارك فيهم كتاب اللّٰه؟
قال : بكتاب اللّٰه يضلّون ، وأوّل ذلك من قبل قرّائهم وأمرائهم ، يمنع الأمراء حقوقهم فلا يعطونها فيقتتلون ، وتتبع القراء أهواء الأمراء فيمدّونهم في الغي ثمّ
__________________
(١) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح : ٢٢٠ ضمن ط ١٥٦ ، خاطب به أهل البصرة على جهة اقتصاص الملاحم.