مرات ناسيا ، ثمّ أتممت صومي (١).
وقال أبو حاتم الرازي : كان غندر صدوقا مؤديا ، وفي حديث شعبة : ثقة ، وأما في غير شعبة فيكتب حديثه ولا يحتجّ به (٢).
أقول : إنّ البلادة وكثرة السهو والنسيان لا تفرّق بين تحديثه عن شعبة أو غيره ، بل هي سبب تام في إسقاط أحاديثه عموما عن الحجيّة ، لأنّ الذي يأكل ثلاث مرات في نهار رمضان ساهيا ، ويتخيّل أنّه أكل السمك لمجرّد وجود رائحته في يده مع أنّه لم يذقه ، وغيرها من الأشياء ، كلّها تدلّ على أنّ هناك ملكه نفسانية تخلّ في ضبطه فإذا حصلت فستكون مطّردة في كل شيء وتكون علة سارية إلى جميع مروياته عن أشياخه سواء عن شعبة أو غيره.
الثالثة : من جهة مالك بن عرفطة ، وذلك لأنّ مالكا هذا مجهول ومهمل في كتب الرجال.
وقد قيل : إنّ شعبة توهم فيه ، فصحّف خالد بن علقمة إلى مالك بن عرفطة ، وهذا هو الرأي المشهور الذي صوّبه كثير من الأعلام كالبخاري وابن حنبل والترمذي وابن أبي حاتم وغيرهم.
فإن قيل هكذا قلنا : بأن هؤلاء الأعلام الذين صوّبوا كونه تصحيفا لخالد بن علقمة ، إمّا أن يكونوا على جزم ويقين ممّا صوّبوه ، وإمّا أنّهم احتملوا ذلك.
فإن كانوا على جزم ويقين بما قالوه ، فأين الدليل القطعي على ذلك ، أو حتى القرينة المؤيّدة لهذه الدعوى؟.
ولم لم يبدل هؤلاء الإعلام هذا الخطأ إلى ما جزموا به؟ وهذا ما يسمح به للمحققين فعله مع الإشارة إلى ذلك ، لكنّ المراجع لجوامعهم الحديثيّة كسنن الترمذي وأبي داود ومسند أحمد بن حنبل يجد أنّهم ذكروا الإسناد المتقدّم دون الإشارة إلى أي دليل أو قرينة ، وهذا يتناسب مع كون المسألة استظهارا واحتمالا لا جزما ويقينا.
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٩ : ١٠١.
(٢) سير أعلام النبلاء ٩ : ١٠٠.