الإسلامي ، ويرشدنا إلى ذلك ما فعله ابن عبّاس وابن عقيل مع الربيع ، وقد فهمت الربيع من ابن عقيل أنّه جاءها مستنكرا لا مستفهما إذ قالت له (وقد جاءني ابن عم لك) تريد بذلك ابن عبّاس.
وإنّ ابن عقيل بسؤاله إياها : (فبأي شيء كان الإناء)؟ أراد إرشادها إلى سقم حكايتها إذ أنّ ما تنقله لا يتفق مع الثابت عن رسول ، وأنّه صلىاللهعليهوآله كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع ، وهو الآخر لا يتّفق مع غسل الأعضاء ثلاثا ، لأنّ تثليث الأعضاء يحتاج إلى أضعاف ما في المد من ماء ، وأنّ المدّ هو الذي يتفق مع غسل الأعضاء مرة أو مرتين وبعد ذلك فلا يبقى ماء كي تغسل به الرجلان ، ويتعين بذلك المسح فيه.
وبعبارة أخرى : إنّ ابن عقيل أراد أن ينقد كلامها عملا ويوضّح لها عدم تطابق ما تحكيه مع ما تفرضه في عدد الغسلات ، وغسل الممسوحات.
ويؤيد هذا ما حكاه ابن جريح عن عبد اللّٰه بن أبي يزيد عن ابن عبّاس قال : قال رجل : كم يكفيني من الوضوء؟
قال [ابن عباس] : مد قال : كم يكفيني للغسل؟
قال [ابن عباس] : صاع.
قال : فقال الرجل : لا يكفيني! قال : [ابن عباس] لا أم لك! قد كفى من هو خير منك رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله (١) وفي آخر عن ابن جريح عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال : سأل رجل ابن عبّاس ما يكفى من الغسل؟ قال : صاع ، ومد للوضوء ، فقال رجل : ما يكفيني! قال : لا أم لك فيكفي من هو خير منك رسول اللّٰه. (٢)
ونحن لو أردنا التأكد من صحة ما توصلنا إليه فلا بد من الوقوف كذلك على مرويات ابن عبّاس الوضوئية الأخرى ومدى تطابق مروياته مع مرويات أهل بيت النبوة على نحو العموم وفقه علي بن أبي طالب على وجه الخصوص. فمثلا نرى عليا
__________________
(١) تفرد به الإمام أحمد في مسنده (٢٦٢٨) ورواه الطبراني (١١٢٥٨) وإسناده صحيح ، كما في هامش جامع المسانيد والسنن ٣١ : ١٤١.
(٢) رواه الطبراني (١١٦٤٦) وإسناده صحيح ، كما في هامش جامع المسانيد والسنن ٣١ : ٥٤٥.