قال : نعم ، وأتى خراسان يطوف على الأمراء يأخذ منهم (١).
وهذه الأقوال لا تثبت كونه صفريا لكون بعضها ، رواتها ضعاف ، فالّذي رواه أبو الأسود وأبو مريم ضعيف بابن لهيعة (٢) ، وما رواه يعقوب بن سفيان أنّه سمع ابن بكير .. ، فهو كلام مبهم وادعاء فارغ ، لأنّ يحيى بن بكير لم يبيّن النصوص الّتي أفادت الخوارج أو التي استفادوا منها وأماكن وردوها في كتبهم ، أو أقوال أئمّتهم ولم يوضح لنا اسم من التقى بهم من الخوارج ، حتّى صيّروه إماما يأخذون معالم مذهبهم منه حسب هذا الزعم.
قال ابن جرير الطبري : لو كان كلّ من ادّعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادّعي به وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك ، للزم ترك أكثر محدّثي الأمصار ، لأنّه ما منهم إلّا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه (٣).
وأمّا ما رواه الجوزجاني عن أحمد بن حنبل فهو الآخر لا يثبت شيئا ، لأنّ أحمد قد شكك في نسبة الصفريّة إليه ، ومجرّد ذهاب عكرمة إلى البربر لا يعني أنّه كان خارجيّا ، هذا مع أنّ الّذي يظهر من أحمد تبرئته لعكرمة من هذه التهمة ، وخصوصا حينما وقفنا على كلام أبي بكر المروزِيّ : قلت لأحمد بن حنبل : يحتج بحديث عكرمة؟ فقال : نعم ، يحتج به (٤).
وأمّا ما رواه بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين من أنّ مالكا إنّما لم يذكر عكرمة في الموطّأ لأنّه يرى رأي الصفرية ، فهو عجيب غريب ، لأنّ مالكا قد احتج بعكرمة في الموطأ في كتاب الحجّ ، وقد صرح ابن حجر بذلك حيث قال : «وزعموا أنّ مالكا أسقط ذكر عكرمة من الموطّأ ، ولا أدري ما صحّته ، لأنّه ذكره في الحجّ وصرّح باسمه ومال إلى روايته عن ابن عباس ، وترك عطاء في تلك المسألة ، مع كون عطاء أجلّ
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٥ : ٢١.
(٢) هو عبد اللّٰه بن لهيعة بن عقبة الحضرمي الاعدوليّ. ضعّفه أكثر أهل العلم (انظر تهذيب الكمال ١٥ : ٤٨٧ ، والضعفاء لابن الجوزي ٢ : ١٣٦ ، والضعفاء للعقيلي ٢ : ٢٩٣) وغيرها من المصادر.
(٣) مقدمة فتح الباري : ٤٢٧.
(٤) تهذيب الكمال ٢٠ : ٢٨٨.