العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به ) وعن امامة أخيه بقوله : ( انّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ) (١) ومعنى ذلك أنّ امامة علي تكملة طبيعية لنبوة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وانّ الرسالة السماوية قد اعلنت عن نبوة محمّد الكبير (ص) وامامة محمّد الصغير في وقت واحد.
انّ علياً الذي ربّاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وربّى الإسلام معه فكانا ولديه العزيزين كان يشعر باخوته لهذا الإسلام وقد دفعه هذا الشعور إلى افتداء أخيه بكل شيء حتى انّه اشترك في حروب الردة التي أعلنها المسلمون يومذاك (٢) ولم يمنعه تزعم غيره لها عن القيام بالواجب المقدّس ، لأنّ أبا بكر ان كان قد ابتزه حقه ونهب تراثه فالإسلام قد رفعه إلى القمة وعرف له اخوته الصادقة وسجلها بأحرف من نور على صفحات الكتاب العزيز :
وصمد الإمام على ترك الثورة ولكن ماذا يفعل ؟ وأي أسلوب يتخذه لموقفه ؟ هل يحتج على الفئة الحاكمة بنصوص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وكلماته التي أعلنت انّ علياً هو القطب المعد لأن يدور عليه الفلك الإسلامي والزعيم الذي قدمته السماء إلى أهل الأرض.
تردد هذا السؤال في نفسه كثيراً ثم وضع له الجواب الذي تعينه ظروف محنته وتلزمه به طبيعة الأوضاع القائمة فسكت عن النصّ إلى حين.
ونحن نتبين من الصورة المشوشة التي عرفناها عن تلك الظروف والأوضاع ان الإعتراض بتلك النصوص المقدسة والإحتجاج بها في ساعة
__________________
(١) أخرجه الطبري في تاريخ وابن الأثير في الكامل وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة.
(٢) راجع شرح النهج لابن أبي الحديد ج ٤ ص ١٦٥.