أقوال أبي سفيان حينما كان ساخطاً على أبي بكر وأصحابه اذ قال : انّي لأرى عجاجة لا يطفيها إلا الدم ، وقال عن علي والعباس : امّا والذي نفسي بيده لأرفعنّ لهما من أعضادهما. فالامويون قد كانوا متأهبين للثورة والانقلاب وقد عرف علي منهم ذلك بوضوح حينما عرضوا عليه أن يتزعم المعارضة ولكنه عرف انّهم ليسوا من الناس الذين يعتمد على تأييدهم وانّما يريدون الوصول إلى اغراضهم عن طريقه فرفض طلبهم وكان من المنتظر حينئذ ان يشقوا عصا الطاعة إذا رأوا الأحزاب المسلحة تتناحر ولم يطمئنوا إلى قدرة الحاكمين على ضمان مصالحهم ومعنى انشقاقهم حينئذ اظهارهم للخروج عن الدين وفصل مكة عن المدينة.
واذن فقد كانت الثورة العلوية في تلك الظروف اعلاناً لمعارضة دموية تتبّعها معارضات دموية ذات أهواء شتى وكان فيها تهيئة لظرف قد يغتنمه المشاغبون ثم المنافقون.
ولم تكن ظروف المحنة تسمح لعلي بأن يرفع صوته وحده في وجه الحكم القائم بل لتناحرت ثورات شتى وتقاتلت مذاهب متعددة الأهداف والاغراض ويضيع بذلك الكيان الإسلامي في اللحظة الحرجة التي يجب ان يلتف فيها المسلمون حول قيادة موحدة ويركزوا قواهم لصد ما كان يترقب أن تتمخض عنه الظروف الدقيقة من فتن وثورات.
انّ علياً الذي كان على أتم استعداد لتقديم نفسه قرباناً للمبدأ في جميع ادوار حياته منذ أن ولد في البيت الإلهي والى انت قتل فيه قد ضحى بمقامه الطبيعي ومنصبه الإلهي في سبيل المصالح العليا التي جعله رسول الله (ص) وصياً عليها وحارساً لها.
وفقدت بذلك الرسالة المحمدية الكبرى بعض معناها فان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما أمره ربّه بتبليغ دعوته والانذار برسالته جمع بني عبدالمطلب وأعلن عن نبوته بقوله : ( انّي والله ما اعلم شاباً في