لأنّ المعصوم لا يكذب فإذا ادعى شيئاً فدعواه صائبة بلا شك ولا فرق بين النصّ على العصمة والنصّ على النحلة فيما يتصل بمسألتنا سوى ان ملكية الزهراء لفدك هي المعنى الحرفي للنصّ الثاني والمعنى المفهوم من النصّ الأول عن طريق مفهومه الحرفي.
٤ ـ ونقول من ناحية أخرى : ان احداً من المسلمين لم يشك في صدق الزهراء ولم يتهمها بالافتراء على أبيها وانّما قام النزاع بين المتنازعين في أنّ العلم بصواب الدعوى هل يكفي مدركاً للحكم على وفقها او لا ؟ فلندع آية التطهير ونفترض انّ الخليفة كان كأحد هؤلاء المسلمين وعلمه بصدق الزهراء حينئذ ليس حاوياً على الامتياز الذي أشرنا إليه في النقطة السابقة بل هو علم في مصاف سائر الاعتقادات التي تحصل بأسباب هي عرضه للخطأ والاشتباه ولا يدلّ حينئذ جعل البيّنة دليلاً على مشاركته لها في تلك الخاصية لأنّه ليس أولى منها بذلك كما عرفنا سابقاً.
ولكن الحاكم يجوز له مع ذلك ـ أن يحكم على وفق علمه كما يجوز له أن يستند في الحكم إلى البيّنة بدليل ما جاء في الكتاب الكريم مما يقرر ذلك اذ قال الله تعالى في سورة النساء : ( واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ) وقال في سورة الاعراف : ( ممن خلقنا أمة يهدون بالحقّ وبه يعدلون ) أي يحكمون.
وللحق والعدل ملاحظتان : ـ
( احداهما ) الحق والعدل في نفس الأمر والواقع.
( والاخرى ) الحق والعدل بحسب الموازين القضائية فالحكم على وفق البيّنة حق واعتدال في عرف هذه الملاحظة وان اخطأت ويعاكسه الحكم على وفق شهادة الفاسق فانه ليس حقاً ولا عدلاً وان كان الفاسق صادقاً في خبره.