عليه بعض المحاورات السابقة ـ كان فيه من التسرع شيء كثير لأنّ فدكاً مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب بل استسلم أهلها خوفاً ورعباً باتفاق أعلام المؤرخين من السنة والشيعة. وكلّ أرض يستسلم أهلها على هذا الأسلوب فهي للنبي (ص) خالصة. وقد أشار الله تعالى في الكتاب الكريم إلى ان فدكاً للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه بخيل ولا ركاب (١) ولم يثبت تصدق النبي بها ووقفه لها.
( الخامس ) انّ الحديثين الذين استدل بهما في الموضوع لا يقوم منهما دليل على ما أراد ، وقد خرجنا من دراستهما قريباً بمعنى لكل منهما لا يتصل بمذهب الخليفة عن قرب أو بعد ، وان أبيت فلتكن المعاني الآنفة الذكر متكافئة ولتكن العبارة ذات تقادير متساوية. ولا يجوز حينئذ ترجيح معنى لها والاستدلال بها عليه.
٢ ـ هذه هي الاعتراضات التي انتهينا إليها آنفاً. ونضيف إليها الآن اعتراضاً سادساً بعد ان نفترض ان جملة انّا معاشر الأنبياء لا نورث أقرب إلى نفي الحكم بالميراث منها إلى نفي التركة الموروثة ونقدر لجملة : لا نورث ما تركناه صدقة. من المعنى ما ينفع الخليفة ونلغي تفسيرها بأن الصدقة المتروكة لا تورث ثم ندرس المسألة على ضوء هذه التقادير. وهذا الإعتراض الجديد هو ان اللازم ـ في العرف العلمي ـ متى صحت هذه الفروض تأويل الخبر ولم يجز الركون إلى أوضح معانيه لأنّه يقرر حينئذ عدم توريث سائر الأنبياء لتركاتهم لما جاء في بعضها من التصريح بالتعميم نحو انّا معاشر الأنبياء لا نورث ولما دلّ عليه بالنون في قوله لا نورث ما تركناه صدقة ، من تعليق الحكم على جماعة وحيث
__________________
(١) راجع سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٣٩ وتاريخ الكامل ج ٢ ص ٨٥ وشرح النهج ج ٤ ص ٧٨.