واختلف كلام المصنف فى [هذا] البيت ؛ فمرة قال : إنه مؤوّل ، ومرة قال : إنّ القياس عليه سائغ (١).
الشرط الثانى : ألّا يتقدم خبرها على اسمها ؛ فلا تقول «لا قائما رجل».
الشرط الثالث : ألا ينتقض النّفى بإلّا ؛ فلا تقول : «لا رجل إلا أفضل من زيد» بنصب «أفضل» ، بل يجب رفعه.
ولم يتعرض المصنف لهذين الشرطين.
* * *
__________________
أشار إليه الشارح العلامة ، نقلا عن المصنف ـ بتأويلات كثيرة ؛ أحدها : أن قوله «أنا» ليس اسما للا ، وإنما هو نائب فاعل لفعل محذوف ، وأصل الكلام ـ على هذا ـ «لا أرى باغيا» فلما حذف الفعل ، وهو «أرى» برز الضمير المستتر ، وانفصل أو يكون الضمير مبتدأ ، وقوله «باغيا» حال من نائب فاعل فعل محذوف ، والتقدير «لا أنا أرى باغيا» ، وجملة الفعل المحذوف مع نائب فاعله فى محل رفع خبر المبتدأ ، ويكون قد استغنى بالمعمول ـ وهو الحال الذى هو قوله «باغيا» ـ عن العامل فيه الذى هو الفعل المحذوف ، وزعموا أنه ليس فى هذا التأويل ارتكاب شطط ولا غلو فى التقدير ؛ فإن من سنن العربية الاستغناء بالمعمول عن العامل كما فى الحال السادة مسد الخبر المفصحة عنه ، كما اتضح لك ذلك فى باب المبتدأ والخبر ، فافهم ذلك ، والله يرشدك ويتولاك.
(١) الذى ذهب إلى أن القياس على هذا البيت سائغ ، هو أبو حيان ، شارح كتاب التسهيل لابن مالك ؛ فإن ابن مالك قال فى التسهيل ، «ورفعها معرفة نادر» فقال أبو حيان فى شرح هذه العبارة ما نصه : «قال المصنف فى الشرح (يريد ابن مالك) : وشذ إعمالها فى معرفة فى قول النابغة الجعدى * وحلت سواد القلب لا أنا باغيا* البيت اه ، وقد حذا المتنى حذو النابغة فقال :
إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى |
|
فلا الحمد مكسوبا ، ولا المال باقيا |
والقياس على هذا سائغ عندى (والمتكلم هو أبو حيان) وقد أجاز ابن جنى إعمال لا فى المعرفة ، وذكر ذلك فى كتاب التمام» اه كلام أبى حيان بحروفه.