والبيت من قصيدة للمتنبى نظمها فى الكوفة بعد رجوعه إليها من مصررثى بها خولة أخت سيف الدولة بن حمدان البكرى ، وتوفيت بميّا فارقين ، من ديار بكر ، لثلاث بقين من جمادى الآخرة من سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة وورد خبر موتها العراق ، فرثاها بهذه القصيدة فى شعبان وأرسلها إليه ، وقبله :
طوى الجزيرة حتّى جاءنى خبر |
|
فزعت فيه بآمالى إلى الكذب |
حتّى إذا لم يدع لي صدقه أملا |
|
شرقت بالدّمع حتّى كاد يشرق بى |
تعثّرت به فى الأفواه ألسنها |
|
... البيت |
طىّ البلاد : قطعها بالسير ، والجزيرة : بلد يتصل بأرض الموصل ، والفزع إلى الشىء : الاعتصام به والالتجاء إليه ، والشّرق : الغصص ؛ وتعثر الألسن : توقفها عن الإبانة ، مستعار من عثار الرّجل ، والبرد ـ بالضم ـ رجال يحملون الرسائل على دواب تتخذ لهم ، الواحد منها بريد ، يقول : طوى أرض الجزيرة خبر هذه المتوفاة مسرعا غير متوقف حتى طرقنى بغتة ، وورد علىّ فجأة ، ففزعت بآمالى فيه إلى تكذيب صدقه ومخادعة نفسى فى أمره ، ثم قال : حتى إذا لم يدع لى صدقه أملا أتعلل بانتظاره ورجاء أخدع نفسى بارتقابه أعلنت بالحزن ، واستشفيت بالدمع فأذريت منه ما أشرقنى تتابعه ، وأدهشنى ترادفه ، حتى كدت أولمه كتألمى به وأشرقه كشرقى به ، ثم قال : تعثرت الألسن بذلك الخبر فى الأفواه فلم تظهره لشنعته ، ولم تفصح به لجلالته ، وكذلك تعثرت به البرد فى الطرق استعظاما لحمله ، والأقلام فى الكتب استكراها لذكره
وقد أوردنا ما يتعلق به بأبسط من هذا فى الشاهد السادس والثمانين بعد الأربعمائة من شرح شواهد شرح الكافية
* * *
(ق ٢ ـ ١٦)