إنّك يا ابن جعفر خير فتى |
|
ونعم مأوى طارق إذا أتى |
وربّ ضيف طرق الحى سرى |
|
صادف زادا وحديثا ما اشتهى |
إنّ الحديث طرف من القرى |
|
ثمّ اللّحاف بعد ذاك فى الذّرى |
انتهى.
وفى الأغانى أن الشماخ خرج يوما يريد المدينة ، فلقيه عرابة بن أوس ، وكان سيدا من سادات قومه ، وجوادا ، فسأله عما أقدمه المدينة ، فقال : أردت أن أمتار لأهلى ، وكان معه بعيران ، فأوقرهما له برا وتمرا ، وكساه وبرّه وأكرمه ، فخرج عن المدينة وامتدحه بقصيدته التى يقول فيها [من الوافر]
رأيت عرابة الأوسىّ يسمو |
|
إلى الخيرات منقطع القرين |
إذا ما راية رفعت لمجد |
|
تلقّاها عرابة باليمين |
ولما سمع ابن دأب كلام الشماخ فى عبد الله بن عبد جعفر بن أبى طالب *إنّك يا ابن جعفر نعم الفتى* إلى آخر الأبيات ؛ قال : العجب للشماخ ، يقول هذا فى عبد الله بن جعفر ، ويقول فى عرابة بن أوس :
إذا ما راية رفعت لمجد* |
|
تلقاها عرابة باليمين |
ابن جعفر كان أحق بهذا من عرابة ، انتهى.
قال عبد اللطيف البغدادى فى شرح نقد الشعر لقدامة قول الشماخ :
*رأيت عرابة الأوسىّ* البيت
ـ معناه علمته كذا وصح عندى ذلك منه ، ويجوز أن يكون هنا بمعنى أبصرته ، وهو الأمثل عندى ، ويكون «يسمو» حالا ، وذلك أن المشاهدة أدل شىء على صحة الأمر ، فلا دليل أقوى منها ، والخيرات هى : الأفعال المعتدلة المتوسطة بين طرفين هما شر ، فكأنه قال : شاهدت منه أفعال الخير والفضائل ، وقوله «إذا ما راية رفعت لمجد» هذا استعارة : أى إذا حدث أمر يقتضى فعل مكرمة ويفتقر فيه أن يضطلع به ربّ فضيلة وشرف تلقّاها