ومثل هذا لا يسميه أحد توكيدا. ثم هذا الإشكال لازم له على قوله إن الباء متعلقة باقرأ الأول لأن تقييد الثانى إذا منع من كونه توكيدا فكذا تقييد الأول ، ثم لو سلم ففصل الموصوف من صفته بمعمول الصفة جائز باتفاق ، كـ «مررت برجل عمرا ضارب» فكذا فى التوكيد ، وقد جاء الفصل بين المؤكد والمؤكد فى (وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ) مع أنهما مفردان ، والجمل أحمل للفصل ، وقال الراجز :
٨٤٧ ـ [يا ليتنى كنت صبيّا مرضعا |
|
تحملنى الذلفاء حولا أكتعا |
إذا بكيت قبّلتنى أربعا] |
|
إذا ظللت الدّهر أبكى أجمعا |
تنبيه ـ ذكروا أنه إذا اعترض شرط على آخر نحو «إن أكلت إن شربت فأنت طالق» فإن الجواب المذكور للسابق منهما ، وجواب الثانى محذوف مدلول عليه بالشرط الأول وجوابه ، كما قالوا فى الجواب المتأخر عن الشرط والقسم (١) ، ولهذا قال محققوا الفقهاء فى المثال المذكور : إنها لا تطلق حتى تقدم المؤخر وتؤخر المقدم ، وذلك لأن التقدير حينئذ إن شربت فإن أكلت فأنت طالق ، وهذا كله حسن ، ولكنهم جعلوا منه قوله تعالى : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) وفيه نظر ؛ إذ لم يتوال شرطان وبعدها جواب كما فى المثال ، وكما فى قول الشاعر :
٨٤٨ ـ إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا |
|
منّا معاقل عزّ زانها كرم |
وقول ابن دريد :
٨٤٩ ـ فإن عثرت بعدها إن وألت |
|
نفسى من هاتا فقولا لالعا |
__________________
(١) فى نسخة «عن القسم والشرط» والخطب فى ذلك سهل.