إذ الآية الكريمة لم يذكر فيها جواب ، وإنما تقدم على الشرطين ما هو جواب فى المعنى للشرط الأول ؛ فينبغى أن يقدّر إلى جانبه ، ويكون الأصل : إن أردت أن أنصح لكم فلا ينفعكم نصحى إن كان الله يريد أن يغويكم ، وأما أن يقدّر الجواب بعدهما ثم يقدر بعد ذلك مقدما إلى جانب الشرط الأول فلا وجه له ، والله أعلم.
بيان مقدار المقدّر
ينبغى تقليله ما أمكن ، لتقلّ مخالفة الأصل.
ولذلك كان تقدير الأخفش فى «ضربى زيدا قائما» ضربه قائما ، أولى من تقدير باقى البصريين : حاصل إذا كان ـ أو إذ كان ـ قائما ، لأنه قدّر اثنين وقدروا خمسة ، ولأن التقدير من اللفظ أولى.
وكان تقديره فى «أنت منّى فرسخان» بعدك منى فرسخان ، أولى من تقدير الفارسى : أنت منى ذو مسافة فرسخين ؛ لأنه قدر مضافا لا يحتاج معه إلى تقدير شىء آخر يتعلق به الظرف ، والفارسىّ قدر شيئين يحتاج معهما إلى تقدير ثالث.
وضعف قول بعضهم فى (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) إن التقدير : حبّ عبادة العجل ، والأولى تقدير الحب فقط.
وضعف قول الفارسى ومن وافقه فى (وَاللَّائِي يَئِسْنَ) الآية : إن الأصل : واللاء لم يحضن فعدّتهن ثلاثة أشهر ، والأولى أن يكون الأصل : واللاء لم يحضن كذلك.
وكذلك ينبغى أن يقدر فى نحو «زيد صنع بعمرو جميلا وبخالد سوأ