(كُلُوا وَاشْرَبُوا) أى أوقعوا هذين الفعلين ، وقول العرب فيما يتعدى إلى اثنين «من يسمع يخل» أى تكن منه خيلة.
والتحقيق أن يقال : إنه تارة يتعلق الغرض بالإعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه أو من أوقع عليه ؛ فيجاء بمصدره مسندا إلى فعل كون عام ؛ فيقال : حصل حريق أو نهب.
وتارة يتعلق بالإعلام بمجرد إيقاع الفاعل للفعل ؛ فيقتصر عليهما ، ولا يذكر المفعول ، ولا ينوى ؛ إذ المنوىّ كالثابت ، ولا يسمى محذوفا ؛ لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول له ، ومنه (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ) إذ المعنى ربى الذى يفعل الإحياء والإماتة ، وهل يستوى من يتّصف بالعلم ومن ينتفى عنه العلم ، وأوقعوا الأكل والشرب ، وذروا الإسراف ، وإذا حصلت منك رؤية هنالك ، ومنه على الأصح (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) الآية ، ألا ترى أنه عليه الصلاة والسّلام إنما رحمهما إذ كانتا على صفة الذّياد وقومهما على السقى ، لا لكون مذودهما غنما ومسقيهم إبلا ، وكذلك المقصود من قولهما (نَسْقِي) السقى ، لا المسقى ، ومن لم يتأمل قدّر : يسقون إبلهم ، وتذودان غنمهما ولا نسقى غنمنا.
وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله ؛ فيذكران نحو (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا) (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) وقولك «ما أحسن زيدا» وهذا النوع إذا لم يذكر مفعوله قيل : محذوف ، نحو (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) وقد يكون فى اللفظ ما يستدعيه فيحصل الجزم بوجوب تقديره ، نحو (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) و :
[حميت حمى تهامة بعد نجد] |
|
وما شىء حميت بمستباح [٧٤٥] |