منطلقا انطلقت» ولا كلمة لا من قولهم «افعل هذا إمّا لا» ولا التاء من عدّة وإقامة واستقامة ؛ فأما قوله تعالى (وَأَقامَ الصَّلاةَ) فمما يجب الوقوف عنده ، ومن هنا لم يحذف خبر كان لأنه عوض أو كالعوض من مصدرها ، ومن ثمّ لا يجتمعان ، ومن هنا قال ابن مالك : إن العرب لم تقدر أحرف النداء عوضا من أدعو وأنادى ؛ لإجازتهم حذفها.
السابع والثامن : أن لا يؤدى حذفه إلى تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه ، ولا إلى إعمال العامل الضعيف مع إمكان إعمال العامل القوى ، وللأمر الأول منع البصريون حذف المفعول الثانى من نحو «ضربنى وضربته زيد» لئلا يتسلّط على زيد ثم يقطع عنه برفعه بالفعل الأول ، ولاجتماع الأمرين امتنع عند البصريين أيضا حذف المفعول فى نحو «زيد ضربته» لأن فى حذفه تسليط ضرب على العمل فى زيد مع قطعه عنه ، وإعمال الابتداء مع التمكن من إعمال الفعل ، ثم حملوا على ذلك «زيد ما ضربته ، أو هل ضربته» فمنعوا الحذف وإن لم يؤدّ إلى ذلك ، وكذلك منعوا رفع رأسها فى «أكلت السمكة حتّى رأسها» إلا أن يذكر الخبر ، فتقول : مأكول ، ولاجتماعهما مع الإلباس منع الجميع تقديم الخبر فى نحو «زيد قام» ولانتفاء الأمرين جاز عند البصريين وهشام تقديم معمول الخبر على المبتدأ فى نحو «زيد ضرب عمرا» وإن لم يجز تقديم الخبر ، فأجاروا «زيدا أجله أحرز» وقال البصريون فى قوله :
٨٤٤ ـ [قنافذ هدّاجون حول بيوتهم] |
|
بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا |
إن عطية مبتدأ ، وإياهم مفعول عوّد ، والجملة خبر كان ، واسمها ضمير الشأن ، وقد خفيت هذه النكتة على ابن عصفور فقال : هربوا من محذور ـ وهو أن يفصلوا بين كان واسمها بمعمول خبرها ـ فوقعوا فى محذور آخر ، وهو تقديم معمول الخبر حيث لا يتقدم خبر المبتدأ ، وقد بينا أن امتناع تقديم الخبر فى ذلك لمعنى مفقود