للخليل وسيبويه أيضا ؛ فإن سيبويه سأل الخليل عن نحو «مررت بزيد وأتانى أخوه أنفسهما» كيف ينطق بالتوكيد؟ فأجابه بأنه يرفع بتقدير : هما صاحباى أنفسهما ، وينصب بتقدير : أعنيهما أنفسهما ، ووافقهما على ذلك جماعة ، واستدلوا بقول العرب :
إنّ محلّا وإن مرتجلا |
|
[وإنّ فى السّفر إذ مضوا مهلا] [١٢١] |
و «إنّ مالا وإنّ ولدا» فحذفوا الخبر مع أنه مؤكد بإنّ ، وفيه نظر : فإن المؤكّد نسبة الخبر إلى الاسم ، لا نفس الخبر ، وقال الصفار : إنما فرّ الأخفش من حذف العائد فى نحو «الذى رأيته نفسه زيد» لأن المقتضى للحذف الطول ، ولهذا لا يحذف فى نحو «الذى هو قائم زيد» فإذا فروا من الطول فكيف يؤكدون؟ وأما حذف الشىء لدليل وتوكيده فلا تنافى بينهما ؛ لأن المحذوف لدليل كالثابت ، ولبدر الدين بن مالك مع والده فى المسألة بحث أجاد فيه.
الرابع : أن لا يؤدّى حذفه إلى اختصار المختصر ؛ فلا يحذف اسم الفعل دون معموله ؛ لأنه اختصار للفعل ، وأما قول سيبويه فى «زيدا فاقتله» وفى «شأنك والحجّ» وقوله :
٨٤٣ ـ يا أيّها المائح ، دلوى دونكا |
|
[إنّى رأيت النّاس يحمدونكا] |
[ص ٦١٨]
إن التقدير : عليك زيدا ، وعليك الحج ، ودونك دلوى ، فقالوا : إنما أراد تفسير المعنى لا الإعراب ، وإنما التقدير خذ دلوى ، والزم زيدا ، والزم الحج ، ويجوز فى دلوى أن يكون مبتدأ ودونك خبره.
الخامس : أن لا يكون عاملا ضعيفا ؛ فلا يحذف الجار والجازم والناصب للفعل ، إلا فى مواضع قويت فيها الدلالة وكثر فيها استعمال تلك العوامل ، ولا يجوز القياس عليها.
السادس : أن لا يكون عوضا عن شىء ؛ فلا تحذف ما فى «أمّا أنت