رفع رأسه من الماء قدر ثلاثة أذرع ، فذهب ليطرح نفسه فاستقبله الحوت ، فإذا هوى إليه ليأخذه فتحول إلى الجانب الآخر فإذا الحوت قد استقبله فلما رأى يونس عليه السلام ذلك عرف أنه أمر من الله فطرح نفسه ، فأخذه الحوت قبل أن يمر على الماء ، فأوحى الله إلى الحوت أن لا تهضم له عظما ولا تأكل له لحما حتي آمر بأمري بكذا وكذا وكذا ... حتى ألزقه بالطين فسمع تسبيح الأرض فذلك حين نادى (١).
[١٨٢٧٨] عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما ألقى يونس عليه السلام نفسه في البحر التقمه الحوت ، هوى به حتى انتهى إلي مفجر من الأرض أو كلمة تشبهها ، فسمع تسبيح الأرض (فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فأقبلت الدعوة تحوم حول العرش فقالت الملائكة : يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا من بلاد غربة قال : وتدرون ماذا هم؟ قالوا : لا يا ربنا قال : ذاك عبدي يونس قالوا : الذي كنا لا نزال نرفع له عملا متقبلا ، ودعوة مجابة ، قال : نعم قالوا : يا ربنا ألا ترحم ما كان يصنع في الرخاء ، وتنجيه ، عند البلاء قال : بلى ، فأمر الحوت فحفظه» (٢).
[١٨٢٧٩] عن أبي هريرة رضي الله ، عنه أن لفظه حين لفظه في أصل يقطينة وهي الدباء ، فلفظه وهو كهيئة الصبي ، وكان يستظل بظلها ، وهيأ الله له أرواة من الوحش ، فكانت تروح عليه بكرة وعشية فتفسخ رجليها ، فيشرب من لبنها حتى نبت لحمه (٣).
[١٨٢٨٠] عن ابن مسعود رضى الله عنه قال : إن يونس عليه السلام كان وعد قومه العذاب ، وأخبرهم أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام ، ففرقوا بين كل والدة وولدها ، ثم خروا ، فجأروا إلى الله ، واستغفروه فكف الله ، عنهم العذاب ، وغدا يونس عليه السلام ينتظر العذاب ، فلم ير شيئا وكان من كذب ولم يكن له بينة قتل فانطلق مغاضبا حتى أتى قوما في سفينة ، فحملوه وعرفوه ، فلما دخل السفينة ركدت والسفن تسير يمينا وشمالا فقال : ما بال سفينتكم؟! قالوا : ما ندري! قال : ولكني أدري أن فيها عبدا أبق من ربه ، وإنها والله لا تسير حتى تلقوه ، قالوا : أما أنت والله يا نبي الله فلا نلقيك. فقال لهم يونس عليه السلام : اقترعوا فمن قرع. فليقع ، فاقترعوا فقرعهم
__________________
(١) ـ (٣) الدر ٧ / ١٢٤.