بن عباس قال : وكان بين سليمان وبين ملكة سبأ ومن معها حتى نظر الى الغبار كما بيننا وبين الحيرة ، قال : عطاء : ومجاهد حينئذ في الأزد. فقال سليمان (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها) قال : بين عرشها وبين سليمان حين نظر إلى الغبار مسيرة شهرين (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) قال : وكان لسليمان مجلس يجلس فيه للناس كما تجلس الأمراء ثم يقوم ، فقال : (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) قال : سليمان : أريد أعجل من ذلك : فقال (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) أنا أنظر في كتاب ربي ، ثم (آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) قال : فنبع عرشها من تحت قدم سليمان ، من تحت كرسي كان يضع عليه رجله ثم يصعد إلى السرير ، قال : فلما رأى سليمان عرشها (قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ) لها (أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ : كَأَنَّهُ هُوَ) قال : فسألته حين جاءته ، عن أمرين ، قالت لسليمان ، ماماء من زبد رواء ليس من أرض ولا سماء؟ وكان سليمان إذا سئل ، عن شيء سأل عنه الإنس ، ثم سأل عنه الجن ، ثم سأل عنه الشياطين قال : فقالت الشياطين : هذا هين أجر الخيل ، ثم خذ عرقها ثم املأ منه الآنية. قال : وأمر بالخيل فأجريت ، ثم أعد عرقها ، فملأ منه الآنية. قال : سألت ، عن لون الله عز وجل. قال : فوثب سليمان ، عن سرير ، فخر ساجدا ، فقال : يا رب لقد سألتني ، عن أمر إنه ليتكايد في قلبي أن أذكره لك. قال : إرجع فقد كفيتكم ، قال : فرجع إلى سريره فقال : ما سألت عنه؟ فقالت : ما سألتك إلا ، عن الماء قال : لجنوده ما سألت عنه فقالوا ما سألتك إلا عن الماء. قال : ونسوه كلهم قال : فقالت الشياطين عنه فقالوا ما سألتك إلا ، عن الماء. قال : ونسوه كلهم قال : فقالت الشياطين : لسليمان يريد أن يتخذها لنفسه ، فإن اتخذها لنفسه ثم ولد بينهما ولد لم ننفك من عبودية ، قال : فجعلوا صرحا ممردا من قوارير فيه السمك ، قال : (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ ، عَنْ ساقَيْها) فإذا هي شعراء فقال سليمان ، هذا قبيح ما يذهبه فقالوا : يذهبه المواسي. فقال نبيهم أثر المواسي قبيح. قال : فجعلت الشياطين النورة قال : فهو أول ما جعلت النورة له قال : فقرأ ما بين (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ) حتى انتهى (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها) قال : أبو بكر : ما أحسنه من حديث (١).
__________________
(١) قال ابن كثير : بلهو منكر غريب جدا ٦ / ٢٠٦.