لهما فأراداها عن نفسهما ، فقالت : إني علي دين لا يصلح لأحد أن يأتيني إلا من كان على مثله. قالا : وما دينك؟ قالت : المجوسية. قالا : الشرك هذا شيء لا نقربه. فمكثت عنهما ما شاء الله ثم تعرضت لهما ، فأراداها عن نفسهما ، فقالت : ما شئتما غير أن لي زوجا وأنا أكره أن يطلع علي هذا مني فأفتضح فطن أقررتما لي بديني وشرطما لي أن تصعدا إلى السماء فعلت. فأقراها بدينها وأتياها فيما يريان ثم صعدا بها إلى السماء ، فلما انتهيا بها إلى السماء اختطفت منهما وقطعت أجنحتها فوقعا خائفين نادمين يبكيان ، وفي الأرض نبي يدعوا بين الجمعتين ، فإذا كان يوم الجمعة أجيب. فقالا : لو أتينا فلانا فسألناه يطلب لنا التوبة فأتياه فقال : رحمكما الله كيف يطلب أهل الأرض لأهل السماء؟!.
قالا : إنا قد ابتلينا. قال : ائتياني في يوم الجمعة. فأتياه فقال : ما أجبت فيكما بشيء ائتياني في الجمعة الثانية. فأتياه فقال : اختارا فقد خيرتما إن أحببتما معاقبة الدنيا وعذاب الآخرة ، وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله ـ فقال أحدهما : الدنيا لم يمض منها إلا قليل. وقال الآخر : ويحك إني قد أطعتك في الأمر الأول فأطعني الآن. إن عذابا يفنى ليس كعذاب يبقى. وإننا يوم القيامة على حكم الله. فأخاف أن يعذبنا ـ قال لا : إني لأرجو إن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة أن لا يجمعهما علينا.
قال : فاختاروا عذاب الدنيا فجعلا في بكرات من حديد في قليب مملوءة من نار عليهما سفلهما.
[١٠٠٨] حدثنا أبى ثنا مسلم ثنا القاسم بن الفضل الحداني ثنا يزيد ـ يعني الفارسي عن ابن عباس ، قال : إن أهل السماء الدنيا أشرفوا علي أهل الأرض فرأوهم يعملون بالمعاصي فقالوا : يا رب ، أهل الأرض يعملون بالمعاصي فقال الله تعالى : أنتم معي ، وهم غيب عني فقيل لهم : اختاروا منكم ثلاثة ، فاختاروا منهم ثلاثة علي أن يهبطوا إلى الأرض على أن يحكموا بين أهل الأرض ، وجعل فيهم شهوة الآدميين ، فأمروا أن لا يشربوا خمرا ولا يقتلوا النفس ولا يزنوا ولا يسجدوا لوثن ، فاستقال منهم واحد فأقيل ، فأهبط اثنان إلى الأرض فأتتهما امرأة من أحسن الناس يقال لها مناهيد فهوياها جميعا. ثم أتيا منزلها فاجتمعا عندها فأراداها ، فقالت : لا حتى تشربا