خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ)(١) فقد دلّت «من» الموصولة على غير العاقل الذي اختلط بالعاقل.
وقد تدلّ «من» الموصولة على المفرد والمثنى والجمع المذكّر والمؤنّث كقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ)(٢) «فواو» الجماعة في «يستمعون» تعود إلى «من». وكقول الشاعر :
تعشّ فإن عاهدتني لا تخونني |
|
نكن مثل من يا ذئب يصطحبان |
وفيه «من» تفيد العاقل وغير العاقل ، وأمّا قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ)(٣) «من» تفيد المؤنث بدليل اتصال حرف الجرّ بالضمير الذي يدلّ على المؤنثات المخاطبات وقد تدخل «ربّ» على «من» الموصولة فتدل على أنها نكرة ، كقول الشاعر :
ربّ من أنضجت غيظا قلبه |
|
قد تمنّى لي موتا لم يطع |
ومثل :
يا ربّ من يبغض أذوادنا |
|
رحن على بغضائه واغتدين |
«ربّ» في البيتين دخلت على «من» فدلّت على أنها نكرة وتفيد العاقل. ووصفت «من» الموصولة بالنّكرة ، مثل : «التقيت بمن منكر مثلك» ، وكقول الشاعر :
إني وإيّاك إذ حلّت بأرحلنا |
|
كمن بواديه بعد المحل ممطور |
أي كشخص ممطور بواديه.
من ينتظر
اصطلاحا : هو إبقاء الاسم في التّرخيم على حركاته قبل الترخيم كمن ينتظر آخر الكلمة المحذوف للترخيم ، كقول الشاعر :
أفاطم مهلا بعض هذا التّدلّل |
|
وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي |
حيث بقيت «الميم» في كلمة «فاطمة» على حركتها كمن ينتظر النّطق بالتّاء والأصل : «أفاطمة» : ومن العرب من كان في وقفته على كلمة يعطيها كلّ حقها الصّوتي ويعدّ ذلك من الوقف بما يشبه الوصل فيقول : «هذا ولدو» وسلّمت على خالدي.
ملاحظة : وقفت قريش موقفا وسطا بين من ينتظر ومن لا ينتظر فقالت : «جاء خالد» و «رأيت خالدا» و «مررت بخالد».
من الابتدائيّة
اصطلاحا : هي حرف جرّ أصلي وزائد ، يجرّ الظّاهر والضمير وله أحد عشر معنى :
١ ـ التبعيض أي : أن يكون ما قبلها جزءا من المجرور بعدها مع إمكانيّة حذفها والتّعويض منها بكلمة «بعض» ، مثل : «خذ من أموالك ما تشاء» أي : بعضها. وكقول الشاعر :
وإنّك ممّن زيّن الله وجهه |
|
وليس لوجه زانه الله شائن |
وقد يكون الجزء متأخرا عن «من» مع مجرورها لفظا لا رتبة ، مثل : «إنّ من خير القول «الصّدق» «الصدق» : اسم «إنّ» محله التّقديم ولكنّه تأخّر عن الجار والمجرور الواقع خبر «إن».
٢ ـ بيان الجنس وذلك إذا كان ما بعدها جزءا
__________________
(١) من الآية ٤٥ من سورة النور.
(٢) من الآية ٤٢ من سورة يونس.
(٣) من الآية ٣١ من سورة الأحزاب.