قوله تعالى : (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)(١) فقال : لمّا كان الفعل الذي قبله قد يكون جزما ولا فاء فيه تكلّموا بالثّاني ، وكأنّهم جزموا ما قبله فعلى هذا توهّموا هذا ، وإذا لم يأت جواب الطّلب بمعنى الشّرط فيرفع ، نحو ذلك : «لا تدن من الأسد يأكلك» فلا يصحّ فيها الجزم لأن معناها حينئذ «إن لا تدن من الأسد يأكلك» ففي حالة الجزم يجعل تباعده من الأسد سببا لأكله ، وهذا غير صحيح ، وكلّ موضع تصلح فيه الفاء السّببيّة يصلح فيه الجزم إلا النّفي بشرط أن يقبل إن الشرطيّة.
إعراب المضارع المعتلّ الآخر :
١ ـ إذا كان المضارع معتلّ الآخر أي في آخره حرف علّة يرفع وينصب بضمّة أو بفتحة مقدّرة على «الواو» و «الياء» للثقل وعلى الألف للتعذّر ، مثل قوله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(٢) «يخشى» مضارع معتل الآخر بالألف مرفوع بالضمّة المقدّرة على الألف للتّعذّر ومثل قوله تعالى : (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ)(٣) «ترمي» فعل مضارع مرفوع بالضّمّة المقدّرة على الياء للثّقل. وكقوله تعالى : (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا)(٤) «يدعو» فعل مضارع مرفوع بالضمّة المقدّرة على «الواو» للثقل. فالمضارع المعتلّ الآخر بالألف تقدّر عليه حركات الإعراب للتعذّر ، والمضارع المعتل بالواو أو بالياء تقدّر عليه الحركات للثّقل. أما في حالة الجزم فهو يجزم بحذف حرف العلّة من آخره فتقول : «لم يسع» ، «لم يخش» ، «لم يدع» «لم يرم» وقد يجزم المضارع المعتلّ الآخر دون أن يحذف منه حرف العلّة كما في قول الشاعر الآتي ، وذلك للضّرورة الشعريّة :
ألم يأتيك والأنباء تنمى |
|
بما لاقت لبون بني زياد |
فالفعل «ألم يأتيك» تقدّمت عليه «لم» أداة الجزم فلم يحذف منه حرف العلّة ، وذلك للضّرورة الشعريّة.
٢ ـ إذا كان حرف العلّة مبدلا من همزة ، مثل : «قرأ يقرأ» و «أقرأ يقرىء» «وضؤ يوضؤ» فإن كان إبدال الهمزة من جنس حركة ما قبلها بعد دخول الجازم على المضارع ، يمتنع حذف حرف العلّة لاستيفاء الجازم مقتضاه ؛ وإن كان إبدال الهمزة من جنس حركة ما قبلها قبل دخول الجازم فهو إبدال شاذّ ، لأن الهمزة المتحرّكة تمتنع عن الإبدال ، وإبدال الهمزة المتحرّكة من جنس حركة ما قبلها شاذ ، فيجوز حينئذ مع الجازم إمّا إثبات الحرف المبدل أو حذفه.
المضارع المرفوع
هو المضارع الذي يرفع بالضّمّة الظّاهرة على آخره إذا كان صحيح الآخر وليس من الأفعال الخمسة ، وذلك إذا تجرّد من النّاصب والجازم ومن كل ما يوجب بناءه ، وينصب بالفتحة إذا سبقته إحدى أدوات النّصب وبالشروط عينها ، ويجزم بالسّكون إذا سبقته إحدى أدوات الجزم وبالشّروط عينها ، مثل قوله تعالى : (قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ)(٥) «نؤمن» مضارع مرفوع لأنه مجرّد من النّواصب والجوازم ومما يوجب بناءه وعلامة
__________________
(١) من الآية ١٠ من سورة المنافقون.
(٢) من الآية ٢٨ من سورة فاطر.
(٣) من الآية ٣٣ من سورة المرسلات.
(٤) من الآية ٢٥ من سورة القصص.
(٥) من الآية ١٣ من سورة البقرة.