ومنهم من يرى أن لفظة «اللهمّ» تستعمل في الاستثناء ، فتأتي قبل الاستثناء ، فتقول : «اللهمّ إلّا أن أكون أول المسافرين». والغرض من ذلك أنّ المستثنى مستعان بالله في تحقيقه تنبيها على ندرته وأنه لم يأت بالاستثناء إلا بعد التفويض لله تعالى.
لو الامتناعيّة
هي حرف واحد يدل على الامتناع ولا يوجد سواه بهذا المعنى. وهو حرف شرط يدل على الماضي ، وقليلا ما يدل على المستقبل ، لا عمل له ، أي : لا يجزم المضارع بعده. مثل : «لو زرتني لأكرمتك» فامتنع الإكرام بامتناع الزّيارة ، وليس هذا معناه أن يكون جواب «لو» ممتنعا دائما ، فقد يكون ثابتا في بعض المواضع ، وممتنعا في مواضع أخرى ، مثل : «لو كنت إنسانا لكنت فأرا». وتكون «لو» امتناعية في أربعة أحوال :
١ ـ إذا دخلت على موجبين مثل : «لو جئتني لأكرمتك». «لو» حرف امتناع لامتناع.
٢ ـ إذا دخلت على منفيّين فتكون حرف وجوب لوجوب مثل : «لو لم تأتني لما أكرمتك».
٣ ـ إذا دخلت على موجب وبعدها منفيّ فتكون حرف وجوب لامتناع ، مثل : «لو جئتني لما خرجت من الدّار».
٤ ـ إذا دخلت على منفي وبعده موجب فهي حرف امتناع لوجوب مثل : «لو لم تأتني خرجت من الدّار».
و «لو» الامتناعية مثل «إن» الشرطية لا يليها إلّا الفعل مثل : «لو جاء زيد لأكرمته» وقد يأتي بعدها معمول فعل محذوف يفسّره فعل ظاهر بعده مثل : «لو غيرك ضربت» والتقدير : «لو ضربت غيرك ضربت» وكقول الشاعر :
أخلّاي لو غير الحمام أصابكم |
|
عتبت ولكن ما على الدّهر معتب |
والتقدير : لو أصابكم غير الحمام أصابكم وكقوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي)(١) أي : «لو أنكم تملكون خزائن ربي» فانفصل الضمير عند حذف الفعل ، أي : لو ملكتم أنتم.
وتختص «لو» الامتناعيّة ، بجواز دخولها على «أنّ» كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا) والمصدر المؤوّل من «أن» ومعموليها في محل رفع مبتدأ خبره محذوف ، أو أنه لا يحتاج إلى خبر ، أو أنه فاعل لفعل محذوف والتقدير : لو ثبت أنهم صبروا. وقال الزّمخشري : خبر «أنّ» الواقعة بعد «لو» لا يكون إلا جملة فعلية. والواقع أنه قد يكون اسما ، كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ)(٢) وكقول الشاعر :
ولو أنّها عصفورة لحسبتها |
|
مسوّمة تدعو عبيدا وأزنما |
ومثل :
ولو أنّ حيّا مدرك الفلاح |
|
أدركه ملاعب الرّماح |
و «لو» الامتناعيّة بعكس «إنّ» تخلص المضارع الى الماضي ، أما «إن» فإنها تصرف الماضي إلى المستقبل ، كقول الشاعر :
لو يسمعون كما سمعت حديثها |
|
خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا |
__________________
(١) من الآية ١٠٠ من سورة الإسراء.
(٣) من الآية ٢٧ من سورة لقمان.