فقال : «فتركن» ولم يقل : «تركت» فدلّ ذلك على جواز القول : «كل رجل قائم وقائمون».
ويقول ابن هشام : والذي يظهر لي خلاف قولهم وأن المضاف إلى المفرد إن أريد نسبة الحكم إلى كل واحد وجب الإفراد ، مثل : «كل رجل يشبعه رغيف» أو إلى المجموع وجب الجمع كبيت عنترة فإن كل فرد من الأعين جاد وأن مجموع الأعين تركن ...
وقد يعود الضمير إلى مفرد مذكر كقوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها)(١) وكقوله تعالى : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ)(٢) ، وكقول الشاعر :
كلّ ابن أنثى وإن طالت سلامته |
|
يوما على آلة حدباء محمول |
وقد يعود الضمير إلى مفرد مؤنث ، كقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(٣) وقد يعود الضمير إلى مثنى ، كقول الشاعر :
وكلّ رفيقي كلّ رحل وإن هما |
|
تعاطى القنا قوما هما أخوان |
٢ ـ وإن كانت مضافة إلى معرفة فيجب مراعاة لفظهما فلا يعود الضمير إليها إلا مفردا مذكرا مراعاة للفظها ، كقوله تعالى : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً)(٤) وكذلك ما جاء في الحديث القدسي : «يا عبادي كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته».
٣ ـ إذا قطعت «كل» عن الإضافة فإن كان المقدّر مفردا نكرة يجب الإفراد ، كقوله تعالى : (وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا)(٥) وإن كان جمعا معرفة يجب الجمع ، كقوله تعالى : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ)(٦).
٤ ـ يجوز أن يأتي بعد «كل» نعت فتقول : «كلّ ولد نظيف في الدّار». ويجوز في النعت «نظيف» الجر على أنه نعت «ولد» أو الرفع على أنه نعت «كلّ» وكذلك يجوز العطف عليها أو على المضاف إليه فتقول : «كل طالب ومعلّم في الدّار». يجوز في «معلم» الجرّ بالعطف على «طالب» والرّفع بالعطف على «كلّ».
كلا وكلتا
هما من الأسماء الملازمة للإضافة سواء إلى الاسم الظاهر أو إلى المضمر ، كقوله تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها)(٧). «كلتا» مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذّر وهو مضاف «الجنّتين» مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى. فإذا أضيفتا إلى الاسم الظّاهر تعرب بالحركات المقدّرة على الألف رفعا ونصبا وجرّا كالآية السّابقة وإن أضيفتا إلى الضمير فتعربان إعراب المثنّى أي : بالألف رفعا وبالياء نصبا وجرّا ، كقول الشاعر :
كلانا غنيّ عن أخيه حياته |
|
ونحن إذا متنا أشدّ تفانيا |
«كلانا» : مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنّى وهو مضاف و «نا» ضمير متصل مبنيّ على السكون في محلّ جرّ بالإضافة.
__________________
(١) من الآية ١٢٣ من سورة الأنعام.
(٢) من الآية ٥٢ من سورة القمر.
(٣) من الآية ١٨٥ من سورة آل عمران.
(٤) من الآية ٩٥ من سورة مريم.
(٥) من الآية ٤٩ من سورة مريم.
(٦) من الآية ٣٢ من سورة يس.
(٧) من الآية ٣٣ من سورة يوسف.