العرب من ينصب بها المبتدأ والخبر معا ، كقول الشاعر :
كأنّ أذنيه إذا تشوّفا |
|
قادمة أو قلما محرّفا |
«أذنيه» اسم كان منصوب بالياء لأنه مثنى ، وحذفت النون للإضافة «والهاء» : ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة.
«قادمة» «خبر كأنّ» منصوب أيضا. وهذا شاذ.
٢ ـ إذا دخلت «ما» الكافّة على «كأنّ» تكفّها عن العمل غالبا وتدخل عندئذ على الجملة الفعليّة بعد أن كانت مختصّة بدخولها على الجملة الاسميّة ، كقول الشاعر :
وكأنّما انفجر الصّباح بوجهه |
|
حسنا ، أو احتبس الظّلام بمتنه |
وكقول الرّاجز وفيه بطل عمل «كأنّ» لدخول «ما» عليها ورجع ما بعدها مبتدأ وخبر :
كأنّما هنّ الجواري الميس
كأن
إذا خففت «كأنّ» صارت «كأن» فيجوز أن يبطل عملها ، ويجوز أن يبقى كقول الراجز :
كأن وريديه رشاء خلب
حيث خففت «كأنّ» وبقيت عاملة عمل «إنّ».
«وريديه» اسمها منصوب بالياء لأنه مثنى «والهاء» في محل جر بالإضافة ، «رشاء» خبر «كأنّ» مرفوع ، «خلب» : نعت مرفوع. أو أن يكون اسمها ضمير الشأن محذوفا ، كقول الشاعر :
ويوما توافينا بوجه مقسّم |
|
كأن ظبية تعطو الى وارق السّلم |
حيث تحتمل «ظبية» وجوها إعرابية ثلاثة هي : الرّفع ، والنّصب ، والجرّ ، فالرّفع على اعتبار اسم «كأنّ» هو ضمير الشأن محذوف «وظبية» : خبر «كأنّ» والتقدير : «كأنها ظبية». والنّصب فعلى اعتبار «ظبية» : اسم «كأنّ» وخبره محذوف ، والتقدير : «كأنّ ظبية هذه المرأة» ، من باب التشبيه المقلوب ، أو على تقدير : كأنّ ظبية مكانها. وأما الجرّ فعلى اعتبار «الكاف» : حرف تشبيه وجرّ ، «أنّ» حرف زائد «ظبية» : اسم مجرور «بالكاف».
وجملة «تعطو» نعت ظبية في كل حالة منها.
وقد يحذف اسمها ، ويكون خبرها جملة اسمية بدون فاصل بينهما. كقول الشاعر :
ووجه مشرق اللّون |
|
كأن ثدياه حقّان |
حيث أتت «كأن» مخففة ، واسمها ضمير الشأن محذوف. «ثدياه» : مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنّى. «حقّان» خبره مرفوع بالألف لأنه مثنّى.
والجملة الاسميّة هي خبر «كأن». أما إذا كانت جملة الخبر فعليّة فيجب أن يفصل بينهما «لم» أو «قد» كقوله تعالى : (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)(١) وكقوله تعالى : (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا)(٢) وكقول الشاعر :
لا يهولنّك اصطلاء لظى الحرب |
|
فمقدورها كأن قد ألمّا |
حيث فصل بين «كأن» المخفّفة وبين خبرها وهو الجملة الماضويّة «ألمّا» بحرف التّحقيق «قد» وكقول الشاعر :
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا |
|
أنيس ولم يسمر بمكّة سامر |
حيث فصل بين «كأن» المخفّفة والجملة
__________________
(١) من الآية ٢٤ من سورة يونس.
(٢) من الآية ٩٢ من سورة الأعراف.