يمتنع تقديم الخبر على الاسم لأن الخبر محصور بـ «إلّا».
ويجوز أن يتقدم الخبر على الفعل النّاقص ، إذا تقدمه «ما» النافية ، مثل : «ما هاطلا كان المطر» «هاطلا» خبر «كان» مقدّم عليها واسمه «المطر» وهذا التقديم يكون في الأفعال الناقصة التي لا يتقدمها نفي ، مثل : «ما زال» ، «ما فتىء» ، «ما برح» ... لأن نفي النفي إيجاب.
ويجوز أن يتقدم معمول الخبر على الأفعال الناقصة ، كقوله تعالى : (أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ)(١) والتقدير : كانوا يعبدونكم. حيث تقدم ضمير النّصب «إيّاكم» الواقع مفعولا به للفعل «يعبدون» وهو خبر «كان». وكقوله تعالى : (وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ)(٢) والتقدير : كانوا يظلمون أنفسهم ؛ ولا يجوز تقدم معمول الخبر على «دام» مطلقا. أما تقدم معمول الخبر على «لا يزال» فقد أجازه بعضهم ، كقول الشاعر :
ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته |
|
على السّنّ خيرا لا يزال يزيد |
فقد تقدّم معمول خبر «لا يزال» على «لا يزال» نفسها. وخبره جملة «يزيد» والمتقدّم هو معمول الخبر ، هو كلمة «خيرا» فإنها مفعول به للفعل «يزيد». ومنع البعض تقديم الخبر ، وكذلك تقديم معموله على «لا يزال» وأخواتها ، وبعضهم منع هذا التقديم مطلقا وبعضهم يجيزه إن تقدم الخبر ومعموله على الفعل الناقص ، مثل : «شاربا دواءه كان زيد» والتقدير : كان زيد شاربا دواءه ، ومثل :
قنافذ هدّاجون حول بيوتهم |
|
بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا |
حيث ورد ما ظاهره أن ضمير النّصب الواقع مفعولا به للفعل «عوّدا» تقدم على «كان» واسمها هو كلمة «عطية» وجملة «عوّدا» خبر «كان». والأصل أن يقع معمول الخبر بعد الفعل والتقدير بما كان عطيّة عوّدهم ، ولكن هذا ما يرفضه النّحاة ويؤوّلون هذا البيت على وجوه منها : أولا : أن اسم «كان» هو ضمير الشأن محذوف. «عطية» مبتدأ مرفوع وجملة «عوّد» خبر المبتدأ والجملة الاسمية المؤلفة من المبتدأ وخبره في محل نصب خبر «كان» ، فلم يتقدم إذن معمول الخبر على اسم كان ولا على كان نفسها. والثاني «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر «بالباء» «كان» زائدة لا محل لها من الإعراب. «عطية» مبتدأ مرفوع وجملة «عوّدا» خبر المبتدأ. والجملة الاسميّة المؤلفة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول. والثالث اسم «كان» ضمير مستتر يعود على اسم الموصول ، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب خبر «كان» وجملة «كان» مع معموليها لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول والعائد محذوف والتقدير : بما كان عطية عوّد هموه ؛ وربما كان ذلك للضرورة الشعرية ولا يقاس عليه ، ولكن ورد تقديم المعمول في :
باتت فؤادي ذات الخال سالبة |
|
فالعيش إن حمّ لي عيش من العجب |
ورد تقديم المعمول على اسم «بات» وليس على الفعل الناقص فأجازه بعضهم ، وعدّه بعضهم الآخر من الضرورات الشعريّة. ففي هذا البيت
__________________
(١) من الآية ٥٠ من سورة سبأ.
(٢) من الآية ١٧٧ من سورة الأعراف.