ثم حذفت «كان» فانفصل الضمير وعوّض من «كان» المحذوفة بـ «ما» ثمّ أدغمت «النون بالميم» للتّخفيف.
٤ ـ وتحذف «كان» مع اسمها وخبرها بعد «إن» دون أن يعوّض منها بشيء مثل : «افعل خيرا وإمّا لا» والتقدير : إن كنت لا تفعل خيرا فما عوض فحذفت «كان» مع اسمها وخبرها دون أن يعوّض منها بشيء. وكقولك لابنك : «لا تخرج الى الصّيد هذا اليوم فالطقس مثلج» فيجيب : «سأخرج وإن ...» والتقدير : وإن كان الطقس مثلجا.
حيث حذفت كان واسمها وخبرها دون أن يعوّض منها بشي. إنّما تدلّ القرينة اللّفظيّة أو المعنويّة على هذا الحذف.
ثالثا : يجوز في «كان» أن تحذف «لامها» إذا كانت مضارعة مجزومة بالسكون غير موقوف عليها ، وليس بعدها همزة وصل ، ولا ضمير نصب ، كقوله تعالى : (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)(١) والتقدير : ولم أكن بغيا. «أك» مضارع مجزوم بالسكون الظّاهرة على «النّون» المحذوفة للتخفيف ، فالمضارع إذن مجزوم بالسّكون وغير موقوف عليه ، وليس بعده همزة وصل ، ولا ضمير نصب ، وإلا فلا يجوز حذف «النون» ، مثل : «لم تكن المرأة في الجاهليّة عزيزة الجانب» فلم تحذف «النون» من المضارع المجزوم «تكن» لأن بعدها همزة وصل ، ومثل : «شرّيرا لا تكن» لا يجوز حذف النون من المضارع المجزوم «تكن» لأنه موقوف عليه ، ولا تحذف كذلك في مثل قوله تعالى : (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ)(٢) وذلك لأن المضارع «تكونوا» مجزوم بحذف النون ، لا بالسكون ، ولا تحذف أيضا في مثل قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم : «إن يكنه فلن تسلّط عليه» لأن بعدها ضمير نصب وهو «الهاء» الواقعة في محل نصب خبر «يكن» ؛ ولا تحذف أيضا في قوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ)(٣) لأن بعده ساكن هو همزة الوصل. ورغم ذلك فقد حذفت «النّون» مع وقوع السّاكن بعد الفعل شذوذا ، في قول الشاعر :
فإن تك المرآة أبدت وسامة |
|
فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم |
ربّما كان ذلك للضرورة الشعريّة.
ترتيب اسم الأفعال الناقصة وخبرها : يجوز أن يتقدّم خبر الأفعال النّاقصة على اسمها ، كقوله تعالى : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)(٤) والتقدير : وكان حقا نصر المؤمنين علينا. حيث تقدّم الخبر شبه الجملة «علينا» على الاسم «نصر» وكقوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ)(٥) حيث تقدّم الخبر «البرّ» على الاسم وهو المصدر المؤوّل من «أن» وما بعدها ، وكقول الشاعر :
لا طيب للعيش ما دامت منغّصة |
|
لذّاته بادّكار الموت والهرم |
حيث قدّم الخبر «منغّصة» على اسم «ما دامت» وهو «لذّاته».
ولا يجوز تقديم خبر «كان» وأخواتها على اسمها إذا وجد مانع من ذلك ، كقوله تعالى : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً)(٦) وفيه
__________________
(١) من الآية ٢٠ من سورة مريم.
(٢) من الآية ٩ من سورة يوسف.
(٣) من الآية ١٣٧ من سورة النساء.
(٤) من الآية ٤٧ من سورة الروم.
(٥) من الآية ١٧٧ من سورة البقرة.
(٦) من الآية ٣٥ من سورة الأنفال.