أخالد قد ، والله ، أوطأت عشوة |
|
وما العاشق المسكين فينا بسارق |
ملاحظة : ينكر بعض النحاة مجيء «قد» قبل الفعل المنفي ، لكنه ورد في كلام العرب القول : «قد لا يأتي المعلم». فيكون حرف النفي «لا» قد فصل بين «قد» والفعل ، مثل :
وكنت مسوّدا فينا حميدا |
|
وقد لا تعدم الحسناء ذامّا |
معانيها : لها معان عدة منها :
١ ـ التوقّع إذا وقعت قبل الفعل المضارع مثل : «قد يأتي الله بالفرج» أو قبل فعل ماض متوقّع كالقول في الأذان : «قد قامت الصّلاة» لأن المؤذّن ومعه جماعة المصلّين ينتظرون قيام الصّلاة.
٢ ـ التّقريب إذا وقعت قبل الفعل الماضي فتقرّب معناه من الحاضر ، كأن تقول عند ظهور النتائج : «قد نجح زيد» فذلك يدل على أنه نجح منذ وقت قريب. وهي تلزم على الأغلب وقوعها قبل الفعل الماضي إذا وقع حالا ، كقوله تعالى : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ، وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ)(١)
٣ ـ التّقليل. وذلك إذا وقعت قبل الفعل المضارع ويفهم ذلك من سياق الكلام مثل : «الطقس جميل اليوم وقد تمطر السماء غدا».
٤ ـ التّكثير أي : كثرة الاحتمالات. ويفهم من السّياق ، كقوله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ)(٢) «قد» : تكون بمعنى «ربما» التي تفيد التّكثير. وكقول الشاعر :
وقد أظلّكم من شطر ثغركم |
|
هول له ظلم يغشاكم قطعا |
ومثل :
قد أشهد الغارة الشّعواء تحملني |
|
جرداء معروقة اللّحيين سرحوب |
ومثل :
قد أترك القرن مصفرّا أنامله |
|
كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد |
ملاحظة : يرى بعضهم أن «قد» هي بمعنى «ربّما» وتفيد التقليل لا التكثير.
والحقيقة أن السياق هو الذي يفهمنا إرادة التّكثير أو التّقليل. وهي في الأبيات الثلاثة السابقة وفي الآية الكريمة تفيد التّكثير بسبب أن الشاعرين قصدا الفخر.
٥ ـ التّحقيق وذلك إذا وقعت قبل الفعل الماضي ، كقوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها)(٣) وقبل الفعل المضارع كقوله تعالى : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ)(٤).
ملاحظات :
١ ـ قال بعض النحاة : إذا دخلت «قد» على المضارع لفظا ومعنى فهي للتّوقّع وإن دخلت على الماضي لفظا ومعنى ، أو معنى فقط مثل قوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ)(٥) فهي للتّحقيق.
٢ ـ قال أبو حيّان : والذي تلقّنّاه من أفواه
__________________
(١) من الآية ١١٩ من سورة الأنعام.
(٢) من الآية ١٤٤ من سورة البقرة.
(٣) من الآيتان ٩ و ١٠ من سورة الشمس.
(٤) من الآية ٣٣ من سورة الأنعام.
(٥) من الآية ٦٤ من سورة النور.