وليس (٢١٢) يمكن أن يقال : «إن ماهية الأول عرض لها وجود حتى لزم عنها الوجود» ولا يجوز أن يقال : «إنها وان لم توجد يكون للموجود (٢١٣) عنها وجود» ولا يجوز أن يقال : «إنها من حيث هي ماهيّة يلزمها ماهيّة الوجود ، ومن حيث يعرض لها وجود يلزمها وجود ماهيّة الوجود» فإن ماهية الوجود لا تخلو عن أن تكون موجودة ، ليس كماهيّة كون الزوايا كقائمتين من حيث لا يجب لها دائما وجود ما دامت ماهية ، بل هذه الماهيّة توجد بعد وجود المثلث ، وإن عدم المثلث عدمت هذه الماهيّة.
(٧٩٣) فإن قال قائل : «وأيضا ـ فإن عدم (٢١٤) واجب الوجود عدم الوجود» فيكون حينئذ ليست الماهيّة سببا للوجود ، بل كونها موجودة سبب للوجود ، فيحتاج إذن أن تكون موجودة حتى يلزمها وجود الوجود ، وإلا لم يلزمها إلا عدم الوجود ، فتكون قبل اللازم الموجود موجودة ، فيكون قد عرض لها الوجود قبل أن لزم عنها الوجود ـ وهذا محال ـ
(٧٩٤) وهاهنا سؤال : وهو أنه إن كان فصل الهيولى هو الإمكان والهيولى جوهر وفصول الجواهر جواهر ، فيجب أن يكون الإمكان جوهرا ـ وقد ابطل هذا ـ وإن لم يكن الإمكان فصله ، ولا أنه لازم له ؛ فقد كان قبل الإمكان ممكناـ لأنها لا تنفك عن الإمكان؟
والجواب عن هذا : إن فصل الهيولى لا يعرف ، لأن الهيولى من حيث هي (٢١٥) هيولى مجردة [٧٢ ب] و (٢١٦) ليس ممكنا ولا غير ممكن ، بل يلزمه الإمكان ، معناه أنه إذا عقلت عقل معها الإمكان فلا ينفكّ عنه.
_________________
(٢١٢) ل : فليس يمكن. ج : ولا يمكن.
(٢١٣) لر : الوجود.
(٢١٤) لر : فان عدم ماهية واجب الوجود.
(٢١٥) لر : هو.
(٢١٦) الواو ساقطة من لر.