التي بيّنتها (١٩٣) ، واعرف أنهما هل هما ممّا يجعلان الألفاظ موضوعا أوليا للمنطق؟ بل يجعلانه مع أنها (١٩٤) مضطرّ إلى معرفتها (١٩٥) بعض أجزاء الصناعة ، وأنت تعلم أن بعض أجزاء الصناعة تكون الضرورة داعية في استكمال الصناعة إلى تحصيله ، وأنه مع ذلك لا يكون الشغل الأوليّ مصروفا إلى ذلك البعض.
(٥٨٤) فعلم أن قولنا : «الضرورة داعية إلى كذا» لا يقابل قولنا : «ولكن ليس الشغل الأولي به» ، بل (١٩٦) يجوز أن يكون به شغل ثان (١٩٧) أو يكون به (١٩٨) بعض الشغل ، أو يكون داخلا (١٩٩) غريبا ليس به شغل ثان مخصص ، ولا شغل أول كلي ، ولا جزء شغل ؛ بل يكون شيئا لا بد منه ومن تأمّله لأجل ما هو الغرض الأولي بأجزائه (٢٠٠) كلها ـ مثل ما مثّلت لك من استعمال الأشكال والحروف الحسيّة ـ فقد يعلم أن ذلك ضروري ، ومع ذلك فليس به شغل أولي.
وأما الأول [٤٨ آ] فكالنظر في المخروطات ، فإنه ضروري في أن يستكمل صناعة الهندسة ، وليس الشغل [الأولي في الهندسة به ، بل] (٢٠١) بجنسه ـ وهو المقدار ـ فإن موضوعه ذلك ، وهذه أنواع موضوعه.
(٥٨٥) وإنما كان (٢٠٢) كلامي في الكتاب الذي خطيت فيه مصروفا على بيان الموضوع الأولي للمنطق ، وبينت أنه ليس هو الألفاظ ـ بل النظر في الألفاظ إما داخل علي سبيل ضرورة ؛ كضرورة تخطيط الأشكال للحسّ ؛ أو على أنه جزء من موضوعات (٢٠٣) الصناعة ، أو لازم جزء من موضوعات الصناعة ، أو لازم لموضوع الصناعة ، ومن تأمل كتاب البرهان عرف الفصول بين هذه ، وعرف أنها (٢٠٤) لا بد من تحقّقها ، وأن الضرورة تدعو إلى معرفتها وليست موضوعة للصناعة.
_________________
(١٩٣) عشه : بينتهما.
(١٩٤) عشه : أنهما. ل : أيهما.
(١٩٥) عشه : معرفتهما.
(١٩٦) ل خ : لا.(١٩٧) ل : ثانيا.
(١٩٨) عشه ، ل : له. (١٩٩) ل : دخلا.
(٢٠٠) عشه : بأجزائها.
(٢٠١) ل : الأول في الهندسة ، بل.
(٢٠٢) ل : وانما كلامي.
(٢٠٣) عشه : موضوع.
(٢٠٤) ل : أنه.