يكون فيه الميل الكلي إلى أهل الدنيا أصوب وإلى الحق أقرب. (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) من عالم الملكوت (وَلا تَبَرَّجْنَ) في عالم الحواس راغبين في زينة الدنيا كعادة الجهلة (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ) التي هي معراج المؤمن يرفع يده من الدنيا ويكبر عليها ويقبل على الله بالإعراض عما سواه ، ويرجع من مقام تكبر الإنسان إلى خضوع ركوع الحيوان ، ومنه إلى خشوع سجود النبات ، ثم إلى قعود الجماد فإنه بهذا الطريق أهبط إلى أسفل القالب فيكون رجوعه بهذا الطريق إلى أن يصل إلى مقام الشهود الذي كان فيه في البداية الروحانية ، ثم يتشهد بالتحية والثناء على الحضرة ، ثم يسلم عن يمينه على الآخرة وما فيها وعن شماله على الدنيا وما فيها. وإيتاء الزكاة بذل الوجود المجازي لنيل الوجود الحقيقي. الرجس لوث الحدوث ، والبيت لأهل الوحدة بيت القلب يتلى فيه آيات الواردات والكشوف. إن الذين استسلموا للأحكام الأزلية وآمنوا بوجود المعارف الحقيقية ، وقتنوا أي أغرقوا الوجود في الطاعة والعبودية ، وصدقوا في عهدهم وصبروا على الخصال الحميدة وعن الأوصاف الذميمة ، وخشعوا أي أطرقت سريرتهم عند بواده الحقيقة ، وتصدقوا بأموالهم وأعراضهم حتى لم يبق لهم مع أحد خصومة ، وصاموا بالإمساك عن الشهوات وعن رؤية الدرجات ، وحفظوا فروجهم في الظاهر عن الحرام وفي الباطن عن زوائد الحلال ، وذكروا الله بجميع أجزاء وجودهم الجسمانية والروحانية. (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ) إذا صدر أمر المكلف أو عليه ، فإن كان مخالفا للشرع وجب عليه الإنابة والاستغفار ، وإن كان موافقا للشرع فإن كان موافقا لطبعه وجب عليه الشكر ، وإن كان مخالفا لطبعه وجب أن يستقبله بالصبر والرضا. وفي قوله (وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) دلالة على أن المخلصين على خطر عظيم حتى إنهم يؤاخذون بميل القلب وحديث النفس وذلك لقوة صفاء باطنهم ، فاللطيف أسرع تغيرا. (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) قضاء شهوته بين الخلق إلى قيام الساعة (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ) فيما فيه أمان هو نقصان في نظر الخلق فإنه كمال عند الحق إلا إذا كان النظر للحق (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) صلىاللهعليهوسلم فيه أن نسبة المتابعين إلى حضرة الرسول صلىاللهعليهوسلم كنسبة الابن إلى الأب الشفيق ولهذا قال «كل حسب ونسب ينقطع إلّا حسبي ونسبي».
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٤٢) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (٤٣) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (٤٤) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً (٤٧) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ