كان ما قبلها مفتوحا ، والهمزة كسائر الحروف التي تحرّك ، فتقول : «لن يخبإ الرجل» و «لم يقرإ القرآن» فتكسر الهمزة في «يخبإ» و «يقرإ» لأن ما بعدها ساكن فكأنّك تقول : «لم يخبيرّ جل ، ولم يقر يلقرآن» وتقول : «هو يخبو» و «هو يقرو» فتجعلها «واوا» مضمومة في الدّرج ، كما تجعلها «ألفا» في الوقفة غير أنك تهيّئها للضمّة من غير أن تظهر ضمّتها فتقول : ما أخبأه وأقرأه فتحرك الألف بالفتح لبقية ما فيها من الهمزة.
ومن التّخفيف قولك في «يلؤم» : «يلم» وفي «يزئر» : «يزر» فتكون قد طرحت الهمزة وحرّكت ما قبلها بحركتها على الضّمّ في «يلم» والكسر في «يزر» إذا كان ما قبلها ساكنا. ومن التّخفيف قولك في «يا زيد من أنت» : «من نت» كأنك تلفظ : «مننت» فتسقط الهمزة من «أنت» وتحرك ما قبلها بحركتها. ولا يجوز أن تدغم الحرفين المثلين لأن أوّلهما متحرّك. أما في قولك : «من أنا» فتلفظ «من نا» أو «منّا» بإدغام المثلين لأن أوّلهما ساكن.
ومثله التّخفيف في قوله تعالى : و (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي)(١) فخففت الهمزة من «لكن أنا» فتلفظ «لكن نا» كما تلفظ «لكننا» ثم أسكنت النّون الأولى بعد التّخفيف فتلفظ «لكننا» لكنّا.
ومن التّخفيف قول بعض العرب : «الأسد يزير» بجعل الهمزة «ياء» ونقل حركتها إلى الساكن قبلها ؛ وكذلك في قولك للرجل : «سل» بدلا من «اسأل» فتحذف الهمزة وتنقل حركتها إلى ما قبلها ثم تحذف همزة الوصل التي يؤتى بها لتسهيل النّطق بالسّاكن ، وإذا تحرّك ما بعدها فلا حاجة إليها فتصير سأل. وكقول الشاعر :
وأنت يا با مسلم وفيتا
والأصل : «يا أبا مسلم» فحذفت الهمزة رغم أنها أصليّة : كما تحذف من «لا أبا لك» فتصير : لا با لك.
ومن التّخفيف قولك في «هذا غطاء ، وكساء ، وخباء» : «هذا غطاو ، وكساو وخباو» ، فتجعل الهمزة «واوا» لأنها مضمومة ، وبالتّثنية تقول : «هذان غطاأن ، وكساأن ، وخباأن» بتحريك الألف بغير إشباع لأن فيها بقية من الهمزة وقبلها ساكن.
ثالثا : التّحويل في الهمزة هو جعلها «واوا» أو «ياء» فتقول في «خبأت» : «خبّيت» الكتاب فهو «مخبّى» ، وهو «يخباه» ، وتقول : «رفوت الثوب رفوا» بتحويل الهمزة «واوا» وتقول : «لم يخبّ عني شيئا» بدلا من «لم يخبّىء» بإسقاط الهمزة لأنها متطرّفة وفي موضع «اللّام» وبإبقاء ما قبلها على حاله متحرّكا.
وتقول في «هذا فضاء» : هذا فضاو لأن «الواو» أخف من «الياء» وفي التّثنية تقول : «فضاوان». وتقول في تحويل : «توضأت» : توضّيت بتحويل الهمزة إلى «ياء».
انتماؤها : الهمزة حرف لا يوصف بالهمس ولا بالجهر. فالحرف المجهور هو الذي يلزم موضعه إلى انقضاء حروفه وحبس النّفس أن يجري معه ، ولم يخالطه شيء يغيّره وعدد المجهور من الحروف تسعة عشر حرفا هي : «الألف» ، «العين» «الغين» ، «القاف» ، «الجيم» ، «الباء» ، «الضّاد» ، «اللّام» ، «النّون» ، «الرّاء» ، «الطّاء» ، «الدّال» ، «الزّاي» ، «الظّاء» ، «الذّال» ، «الميم» ، «الواو» ، «الياء» وقد تنتمي الهمزة إليها.
والمهموس هو حرف مخرجه دون المجهور ، وجرى معه النّفس ، وهو دون المجهور في رفع
__________________
(١) من الآية ٣٨ من سورة الكهف.