حيث ألغي عمل الناسخ «أظن» لتوسطه بين المفعولين ، الأول منهما «ربع» والثاني هو جملة «شجاك».
الثالثة : جواز الإلغاء والإعمال أيضا إذا تأخّر الناسخ عن مفعوليه ، مثل : «زيد مسافر ظننت» ، أو «زيدا مسافرا ظننت» ، وكقول الشاعر :
هما سيّدانا يزعمان وإنّما |
|
يسوداننا إن أيسرت غنماهما |
حيث ألغي عمل «يزعمان» لتأخره عن مفعوليه ، لذلك عادا الى أصلهما ونعرب هما :ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. «سيدانا» خبره. ولو أعمل الناسخ لقلنا : «يزعمانهما سيّدينا». وكقول الشاعر :
آت الموت تعلمون فلا ير |
|
هبكم من لظى الحروب اضطرام |
حيث ألغي عمل «تعلمون» لتأخره عن مفعوليه وعادا لأصلهما. ونعرب «آت» : خبر مقدم.
«الموت» : مبتدأ مؤخر.
والتعليق والإلغاء يشتركان في أمور عدّة ويختلفان في أمور أخرى منها :
١ ـ أن التّعليق واجب عند وجود السّبب ، أمّا الإلغاء فجائز.
٢ ـ تعليق العمل يجري على كلا المفعولين ، أو على أحدهما ، أما الإلغاء فيجري عليهما معا.
٣ ـ يجري التعليق على اللّفظ الظّاهري دون المحلّ ، أي : يبقى مفعولا به في المحلّ ، والإلغاء لا يكون كذلك ، بل يجري على اللّفظ والمحلّ معا.
٤ ـ يجوز في توابع التّعليق مراعاة اللّفظ ، أو مراعاة الظّاهر فقط.
٥ ـ إن التّعليق لا بدّ فيه من تقدّم النّاسخ ووجود فاصل له حق الصّدارة بينه وبين مفعوليه.
أمّا الإلغاء فلا بدّ من توسّط النّاسخ أو تأخّره عن مفعوليه دون حاجة الى فاصل.
رابعا : الاستغناء عن المفعولين إذا دلّت عليهما قرينة ، أو الاستغناء عنهما بمصدر مؤوّل ، كقوله تعالى : (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(١) وفيه حذف المفعولان ، وتقدير هما : تزعمونهم شركائي. وكقول الشاعر :
بأيّ كتاب أم بأيّة سنة |
|
ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب |
حيث حذف مفعولا الناسخ «تحسب» لأنه دلّت عليهما قرينة. والتقدير : وتحسب حبّهم عارا عليّ. ويجوز حذفهما بدون قرينة تدلّ عليهما ، كقوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢) وكقوله تعالى : (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى)(٣) حيث حذف مفعولا الناسخ في الآيتين على تقدير في الأولى : والله يعلم كرهكم للقتال ومصلحتكم في عاقبة أمركم وأنتم لا تعلمون مصلحتكم وعاقبة أمركم ، وفي الثانية : أيرى علم الغيب عنده ، وكقوله تعالى : (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ)(٤) وفيها حذف المفعولان ، والتقدير : وظننتم هلاك النبيّ وهلاك المؤمنين ، وهذا من ظن السّوء.
ويمتنع حذف أحد المفعولين إلا في الضرورة الشعريّة ، كقول الشاعر :
ولقد نزلت فلا تظنّي غيره |
|
مني بمنزلة المحبّ المكرم |
__________________
(١) من الآية ٧٤ من سورة القصص.
(٢) من الآية ٢١٦ من سورة البقرة.
(٣) من الآية ٣٥ من سورة النجم.
(٤) من الآية ١٢ من سورة الفتح.